نماذجها موجودة ويكون التعلم عليها. وقوله تعالى : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) هو أمر بالإنباء ليس على جهة التكليف وإنما على جهة التقرير والتوقيف. ولمّا كان آدم قد تعلم الأسماء ، واللغات أسماء ، فإنه يكون أول من تعلم اللغات ، وذلك من فضل آدم على الملائكة ، فقدّمه الله تعالى عليهم لهذا الفضل ، وأسجدهم له ، وجعلهم تلاميذه ، وأمرهم أن يتعلموا منه ، وجلّله بالعظمة بأن جعله مسجودا له لمّا خصّه بعلم الأسماءnomology.
* * *
١٢٠٢ ـ الأسوة الحسنة
الأسوة من مصطلحات علم التربية ، وهو القدوة الذى يقتدى به فى الخصال والفعال والأقوال ؛ ومعنى يتأسّى به : يتعزّى به فى جميع أحواله. والأسوة فى القرآن هم كل الأنبياء ، وخصّ منهم إبراهيم ونبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقال تعالى فى إبراهيم : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) (الممتحنة ٤) ، ومن سيرته أنه كان يتبرّأ من الكفّار ، والخطاب لجماعة المسلمين ، فأمروا أن يقتدوا به ، «والذين معه» هم أصحابه من المؤمنين ، فكان على أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم أن يتأسّوا بإبراهيم ، ويبرءوا من المشركين مثله. ونفيد من الآية أن شرع من قبلنا هو شرع لنا كذلك فيما أخبر الله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الممتحنة ٦) ، فكرر ذلك مرتين تأكيدا وتنبيها ، وهو من منهج القرآن : أن يكرر المواعظ والأوامر المهمة. وقال فى نبيّنا صلىاللهعليهوسلم : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (الأحزاب ٢١) ، والآية عتاب للمتخلفين عن الجهاد يوم الخندق وعند أى استنفار ، وإن كان الخطاب للمؤمنين. وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم أسوة فى كل أحواله ، فلقد شجّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، وقتل عمّه حمزة ، وعانى الجوع وشظف العيش ، فكان مع ذلك الصابر المحتسب ، والشاكر الراضى. وفى الحديث عن أنس عن أبى طلحة ، قال : شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الجوع ، ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر ، فرفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن حجرين. ولمّا شجّ دعا لقومه ولم يدع عليهم ، وقال : «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون». وكما ترى فالأسوة به صلىاللهعليهوسلم ، وبإبراهيم عليهالسلام ، وبالأنبياء والصحابة ، على الإيجاب فى أمور الدين ، وعلى الاستحباب فى أمور الدنيا.
* * *
١٢٠٣ ـ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم
الصاحب : الملازم والمعاشر ، والجمع صحب ، وأصحاب ، وصحاب ، وصحابة ، وصحابة ؛ والصحابة : أصحاب النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والواحد منهم صحابىّ ، وصاحب ، كقوله تعالى : (إِذْ