والآية : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨) : قيل : نسختها آية السيف ، وهذا ليس صحيحا ، لأن المعنى : لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا ، ولا تحسدهم بما أنعم عليهم وحرمت منه ، بينما آية السيف خاصة بالقتال ، فلا وجه للنسخ ، وسياق الآية لا يسمح بأن تكون الآية منسوخة.
والآية : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٩٤) : قيل : نسختها آية القتال ، وموضوع الآية لا يتصل بسبب بالقتال ، وفيها الأمر للرسول صلىاللهعليهوسلم بالإعراض عنهم وعن استهزائهم ، وتتوعدهم الآية بالسؤال والحساب ، ولا يعقل أن ينسخ هذا السؤال والحساب المنتظر أمر بالقتال ، ومن ثم فلا نسخ هناك.
* * *
١١٤١ ـ سورة النحل
الآية : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) (النحل ٦٧) : قيل : السّكر هو الخمر ، وعلى ذلك فالآية منسوخة بآيات تحريم الخمر ، والصحيح أن الآية محكمة ، لأن السّكر هو العصير الحلو الحلال ، سمى سكرا لأنه قد يصير مسكرا إذا بقى ، فإذا بلغ الإسكار حرّم ، غير أنه فى حالته العادية كما فى الآية : (سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) يعنى العصير ولا يعنى الخمر.
والآية : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) (النحل ١٠٦) : قيل : إنها منسوخة ببقيتها : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) ، وهى استثناء ولا تعتبر نسخا.
والآية : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل ١٢٥) : قيل : نسختها آية القتال التى تقول : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) (البقرة ١٩٠) ، والصحيح أن الآية محكمة ، ولكل من الآيتين مجاله ، والمسلمون يوعظون بالحكمة والتى هى أحسن إلى يوم القيامة ، ومجال الآية العصاة من الموحدين ، وآية القتال مجالها المعتدون من المشركين. والمجادلة لا تنافى القتال ، ولا أثر يقرر أن الآية منسوخة.
والآية : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (١٢٦) : قيل : نسختها آية السيف ، والصحيح أن الآية محكمة ، وتعنى ألا يتجاوز عباد الله فيما وجب لهم قبل غيرهم فى حقّ من مال أو نفس ، فمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظالم منه ، وعلى هذا يكون المعنى : ولئن صبرتم عن المثلة ـ لا عن القتال ـ وعلى ذلك فالآية غير منسوخة ، كقوله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) (البقرة ١٩٠).