والآية : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (١٢٧) (النحل) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أنها محكمة وتنهى عن المثلة وتأمر بالصبر على قتلى أحد أو القتلى عموما فى أية حرب مشروعة ، وأن يتحمل المسلم مكر أعدائه ، وكل ذلك من محامد الأخلاق ، فلا تعارض ولا نسخ ، والآية محكمة.
* * *
١١٤٢ ـ سورة الإسراء
الآية : (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) (٢٤) : قيل : الآية فى الشفقة بالوالدين والحنان عليهما ، وهما الوالدان المؤمنان ، وأما المشركان فقد نهى القرآن عن الاستغفار لمن مات من أولى القربى ، كقوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) (التوبة). والصحيح أن الآية محكمة ، لأنها دعاء بالرحمة الدنيوية للأبوين المشركين ما داما حيين. ومن البديهى أنه ليس كل الآباء مشركين ، بينما الآية الثانية تحظر الاستغفار للآباء المشركين فحسب ، ولذلك تعتبر الآية الثانية مخصّصة للآية الأولى لا ناسخة لها.
والآية : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء ٣٤) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) (البقرة ٢٢٠) ، ولا نسخ هناك ، لأن الآيتين لا تتعارضان ، ولكنهما تلتقيان عند الحرص على حفظ مال اليتيم وحمايته أن يؤكل ظلما.
والآية : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١١٠) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) (٢٠٥) (الأعراف) ، ولا تعارض بينهما ، فالآية الأولى تنهى النبىّ صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين عن الجهر وعن المخافتة بالقراءة والتشهد والدعاء فى الصلاة ، وتأمر بالتوسط بينهما حتى يسمعه آخرون فيتعلموا منه ، ولا يسمعه المشركون فيؤذوه وأصحابه ؛ والآية الثانية تأمر بأن يذكر الله فى نفسه عند الاستماع إلى القرآن وهو يتلى ، ذكرا فيه خشوع لله وتواضع ، وفيه خوف من عقابه ، ودعاء لا جهر به ولا إعلان ، وفى الآيتين يلاحظ عدم الجهر ، وفى الأولى عدم المخافتة ، فأى تعارض بين الآيتين يسوّغ النسخ؟!
* * *
١١٤٣ ـ سورة مريم
والآية : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٩) (مريم) : قيل : الآية إنذار للمشركين بعذاب الآخرة وقد فرغ من الحساب ، ولذا قال ابن