أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) (٩١) (النساء) : قيل : نسخت الآيتان بقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) إلى قوله : (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) (التوبة) وهى المشهورة بآية السيف. والصحيح أن الآيتين نزلتا فى بنى خزيمة وبنى مدلج ، وهؤلاء عاقدوا حلفاء المسلمين من خزاعة ، فنهى عن قتلهم. ونزلت آية السيف بعد ذلك بعد إسلام الذين ذكرناهم ، فلا مجال للقول بنسخها. ونزلت آية السيف أيضا فى قوم مخصوصين ، ولم تنبذ كل المعاهدات ، والآيتان محكمتان إذن.
والآية : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (النساء ١٠١) : المراد بها المنع من قصر الصلاة إلا فى الخوف ، وقيل : هى منسوخة بالسنّة ، لأن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قصر فى غير الخوف ، وفعله إذن ناسخ للآية. والآية ليس فيها منع للقصر فى الأمن ، وإنما فيها إباحة القصر فى الخوف فقط. والقصر سواء فى الخوف أو فى الأمن أجازه النبىّ صلىاللهعليهوسلم وقال فيه : «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوها» ، ولم يقل قد نسخ ذلك ، وإنما نسبه إلى الرخصة ، فصحّ قول من قال : قصر صلاة السفر بالسنّة ، وقصر صلاة الخوف بالقرآن.
والآية : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (١٤٥) : قيل : نسختها الآية بعدها : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (النساء ١٤٦) ، وهى استثناء ولا تعتبر نسخا.
* * *
١١٣٢ ـ سورة المائدة
الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ...) (المائدة ٢) : قيل : نسختها الآية : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ؛ وقيل : لم ينسخ من ذلك شىء إلا القلائد التى كانت فى الجاهلية يتقلدونها من لحاء الشجر. وقيل : النسخ بالنظر إلى أنه قد أحلّ قتال أهل الشرك فى الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة ، ولو قلد المشرك عنقه أو ذراعيه لحاء جميع أشجار الحرم لم يمنع ذلك من قتله إذا لم يكن قد عقد ذمة من المسلمين أو أمانا. غير أنه قد ورد عن عائشة أن سورة المائدة لم ينسخ منها شىء وهى آخر سورة نزلت ، ويبطل القول أن الآية فيها منسوخ ، أو أن سورة المائدة كلها فيها منسوخ.
والآية : (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) (المائدة ٥) : قيل : نسختها آية