اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٢٨) (آل عمران) : قيل : إن دعوى النسخ على قوله عزوجل : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً). وقيل : إنها نسخت بآية السيف ، فلا تقاة من مشركين بل قتال معهم. وقيل : إن المراد من الآية جواز اتقاء العدو إذا أكره المؤمن على الكفر ، بالقول الذى لا يعتقده ، وهذا الحكم باق غير منسوخ ، فالتّقيّة باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله ، فتكلم به مخافة الناس ، إلا أن قلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضرّه. وقيل : التّقيّة لم تنسخ ، وهى جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة.
والآية : (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران ٤١) : قيل : إن الحديث : «لا صمتّ يوما إلى الليل» قد نسخ هذه الآية ، ونسخ إباحة الصمت ، ولا تنسخ السنّة القرآن ، ثم إن الآية خبر ، والخبر لا يقبل النسخ ، وما تقرره الآية إنما هو ما قضى الله به على نبيّه زكريا : أنه سيرزقه بيحيى رغم أن امرأته عاقر ، فكيف يكون هذا منسوخا؟.
والآية : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) (آل عمران ٨٦) : قيل : نسختها الآية بعدها : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) (آل عمران ٨٩) ، وهى استثناء ولا تعتبر نسخا ، والآية على ذلك محكمة.
والآية : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران ٩٧) : قيل : تدل الآية على وجوب الحج على جميع الناس ، الغنى والفقير ، والقادر والعاجز ، ثم نسخ ذلك فى حق عديم الاستطاعة ببقية الآية : «من استطاع إليه سبيلا» وهذا غير صحيح ، لأن تقدير الآية : ولله على من استطاع من الناس الحج ـ أن يحج ، وإذن فلا نسخ.
والآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢) : قيل : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، من يقوى على هذا؟ وشقّ عليهم ، فأنزل الله عزوجل : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن ١٦) فنسخت هذه الآية ، وليس فى آل عمران من المنسوخ شىء إلا هذه الآية. والصحيح أن آية سورة التغابن بيان لآية سورة آل عمران ولم تنسخها ، والمعنى : فاتقوا الله حقّ تقاته ما استطعتم. وإذن فالآيتان يمكن الجمع بين معنييهما ، وما كان من الممكن الجمع بين معانيه فليس فيه نسخ ، لأن النسخ لا يكون إلا عند ما لا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخ.
والآية : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) (١٢٨) : قيل : إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى أحد لمّا كسرت رباعيته وشجّ فى رأسه فجعل يسلت الدم ، قال :