والآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (١٥٩) : قيل نسختها الآية : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (البقرة ١٦) ، وهذا غير صحيح ، لأن الآية الثانية استثناء ولا تعد نسخا ، بالإضافة إلى أن الآية خبر مؤكد لا يقبل النسخ.
والآية : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (البقرة ١٩٦) : قيل : نسختها بقية الآية : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ، وهذا استثناء ، ولا يعتبر نسخا ، والآية محكمة.
والآية : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (البقرة ١٧٣) : قيل نسختها بقية الآية : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، وهى استثناء من الآية ، ولا يعتبر نسخا.
والآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٨) (البقرة) : قالوا هى منسوخة بقوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (المائدة ٤٥) ؛ وقيل : هى منسوخة بقوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (٣٣) (الإسراء). والصحيح أن الآية غير منسوخة ، لأن آية البقرة تقرر حكم القصاص فى الإسلام ، وآية المائدة تحكى عمّا هو مكتوب فى التوراة ، فالمعقول أن آية البقرة هى التى تنسخ آية التوراة. وأما آية المائدة فهى مكية وسابقة على البقرة ، فلا ينسخ المتأخر المتقدم. وهناك حقيقة تاريخية وهى أن الله تعالى لم يقض فى حكم القصاص قضاء ثم نسخه ، ولذلك فلا تعارض ولا نسخ.
والآية : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١٨٠) : قيل هذه الآية نسختها آية الفرائض ، والصحيح أن آية الفرائض لم تنسخها ، لأن هذه الآية عامة ، وآية الفرائض خاصة. وقيل الحديث : «إن الله قد أعطى لكل ذى حقّ حقّه فلا وصية لوارث» نسخها ، والحديث من أحاديث الآحاد ولا يمكن أن تنسخ السنّة القرآن ، فالسنّة عملها شرح القرآن وبيانه وليس من ذلك أن تنسخه. وأوصى ابن عمر لأمهات أولاده لكل واحدة بأربعة آلاف ، وأوصت عائشة لمولاة لها بأثاث البيت ، وأهل الظاهر يمنعون الوصية بأكثر من الثلث وإن أجازها الورثة ، وأجاز ذلك الكافة إذا أجازها الورثة وهو الصحيح ، اعتمادا على الحديث : «لا تجوز الوصية لوارث إلا