١١٢٢ ـ فى أسباب نزول آيات سورة المسد
١ ـ فى قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١) : قيل : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤) (الشعراء) ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى صعد الصفا ، فهتف : «يا صباحاه!» فقيل : من هذا الذى يهتف؟ قالوا : محمد ، فقال : «يا بنى فلان صلىاللهعليهوسلم يا بنى فلان ، يا بنى فلان ، يا بنى عبد مناف ، يا بنى عبد المطلب» فاجتمعوا إليه ، فقال : «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل ـ أكنتم مصدقىّ؟» قالوا : ما جرّبنا عليك كذبا. قال : «فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد» ، فقال أبو لهب : تبا لك! أما جمعتنا إلا لهذا! ثم قام ، فنزلت هذه السورة : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١). وقيل : إن أبا لهب أتى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ما أعطى إن آمنت بك يا محمد؟ قال : «كما يعطى المسلمون» ، قال : ما لى عليهم فضل؟! قال : «وأى شىء تبغى؟» قال : تبّا لهذا من دين : أن أكون أنا وهؤلاء سواء! فأنزل الله تعالى فيه : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١). وقيل : كان إذا وفد على النبىّ صلىاللهعليهوسلم وفد ما أنطلق إليهم أبو لهب ، فيسألونه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقولون له : أنت أعلم به منا ، فيقول لهم : إنه كذّاب ساحر ، فيرجعون عنه ولا يلقونه ، فأتى وفد ففعل معهم مثل ذلك ، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه ، فقال لهم أبو لهب : إنّا لم نزل نعالجه ، فتبا له وتعسا ، فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاكتأب لما سمعه ، فأنزل الله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١).
٢ ـ وفى قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) (٣) قيل : لمّا أنذر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشيرته بالنار ، قال أبو لهب : إن كان ما يقول ابن اخى حقا ، فإنى أفدى نفسى بمالى وولدى. فنزل : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) (٢).
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٥) : قيل : نزلت فى امرأة أبى لهب ، وكان اسمها أم جميل ، فغيّر المسلمون اسمها إلى «أم قبيح» ، وكانت عوراء ، وتمشى بين الناس بالنميمة ، وتعيّر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالفقر ، وتحمل الحطب على ظهرها رغم غناها لشدّة بخلها حتى عيّرت بالبخل ، وكانت تحمل كل يوم الحسك والشوك وتطرحهما فى طريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقيل فيها حمالة الخطايا والذنوب ، وكانت تحمل حطبها وتربطه إلى جيدها بحبل من ليف فنزلت الآية : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٥).
والسورة إعجاز للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فقد كان بوسع أبى لهب وامرأته بعد نزول السورة أن يظهرا كذب القرآن بأن يعلنا إسلامهما ، لأن الحكم ببقائهما فى النار مشروط ببقائهما على الكفر إلى أن ينتهى أجلهما ، وشاء الله أن تموت امرأة أبى لهب بالحبل لما عثرت فى حجر