وأمية بن خلف ، لقوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا محمد ، هلم فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ، ونشترك نحن وأنت فى أمرنا كله ، وإن كان الذى بأيدينا خيرا مما بيدك ، كنت قد شركتنا فى أمرنا وأخذت بحظك منه ، فأنزل الله السورة. وقيل : قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو استلأمت (أى عبدت) بعض هذه الآلهة لصدّقناك ، فنزل جبريل على النبىّ صلىاللهعليهوسلم بهذه السورة ، فيئسوا منه وآذوه وأصحابه. وقيل : قالوا : تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، وهكذا دواليك ، سنة سنة. وقيل : قالوا نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة ، ونزوّجك من شئت ، ونطأ عقبك (أى نمشى خلفك) ، وتكفّ عن شتم آلهتنا ، فإن لم تفعل نعرض عليك خصلة واحدة ، هى لنا ولك صلاح : تعبد آلهتنا اللات والعزى سنة ، ونحن نعبد إلهك سنة. فنزلت السورة. وقيل : قالوا كل ذلك أو بعضه فنزلت السورة.
* * *
١١٢١ ـ فى أسباب نزول آيات سورة النصر
١ ـ فى قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) (١) قيل : نزلت فى فتح مكة ، فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم الله ، ثم أمر بالسلاح فرفع عنهم ، فدخلوا الدين ، ونزلت السورة. وقيل : لم يكن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أشد اجتهادا فى أمور الآخرة مما كان منه عند نزولها. ولما نزلت قرأها على أصحابه ففرحوا واستبشروا ، وبكى العباس ، فسأله النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك يا عم؟» قال : «نعيت إليك نفسك» قال : «إنه كما تقول» ، فعاش بعدها ستين يوما ، ما رئى فيها ضاحكا مستبشرا.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) (٢) : قيل : نزلت فى أهل مكة كانوا يقدمون على النبىّ صلىاللهعليهوسلم أمة أمة ، والأمة أربعون رجلا ، ويسلمون.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٣) : قيل : نزلت فى أجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أعلمه إياه ، ونزل استغفاره تعبّدا يجب إتيانه لا للمغفرة. وعن عائشة رضى الله عنها فى نزولها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكثر من قول : «سبحان الله وبحمده ، استغفره وأتوب إليه» ، فقالت له : يا رسول الله ، أراك تكثر من قول «سبحان الله وبحمده ، استغفره وأتوب إليه»؟ فقال : خبّرنى ربّى أنى سأرى علامة فى أمتى ، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده ، أستغفره وأتوب إليه. فقد رأيتها : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٣).
* * *