مكث النبىّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عشر سنين يقومون الليل ، فنزل بعد عشر سنين : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ..) (٢٠) ، فخفّف عنهم.
٤ ـ وفى قوله تعالى : (.. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٠) : قيل : لما نزلت : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١) قاموا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم ، ثم نزل قوله تعالى : (.. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ..)
* * *
١٠٨٥ ـ فى أسباب نزول آيات سورة المدثر
١ ـ فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١) : قيل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يحدث عن فترة الوحى قال : «فبينما أنا أمشى سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسى ، فإذا الملك الذى جاءنى بحراء ، فجثثت منه فرقا» ، فرجعت فقلت : زمّلونى زمّلونى! فدثّرونى. فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١). وعن جابر عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جوارى نزلت فاستبطنت بطن الوادى ، فنوديت ، فنظرت أمامى وخلفى ، وعن يمينى وعن شمالى ، فلم أر أحدا. ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدا ، ثم نوديت فرفعت رأسى ، فإذا الملك الذى جاءنى بحراء ـ يعنى جبريل ـ فأخذتنى رجفة شديدة ، فأتيت خديجة ، فقلت : دثّرونى! فدثّرونى فصبّوا علىّ ماء ، فأنزل الله (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١). وقيل : بلغ النبىّ صلىاللهعليهوسلم قول كفار مكة أنت ساحر ، فوجد من ذلك غما ، وحمّ ، فتدثّر بثيابه ، فقال الله تعالى (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢). وقيل : اجتمع أبو لهب ، وأبو سفيان ، والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ومطعم بن عدى ، وقالوا : قد اجتمعت وفود العرب فى أيام الحج ، وهم يتساءلون عن أمر محمد ، وقد اختلفتم فى الإخبار عنه ، فمن قائل يقول : مجنون ، وآخر يقول : شاعر ، وتعلم العرب إن هذا كله لا يجتمع فى رجل واحد ، فسمّوا محمدا باسم واحد يجتمعون عليه وتسمّيه به العرب ، فقام منهم رجل فقال : شاعر؟ فقال الوليد : سمعت كلام ابن الأبرص وأمية بن أبى الصلت ، وما يشبه كلام محمد كلام واحد منهما ، فقالوا : الكاهن؟ فقال : الكاهن يصدق ويكذب ، وما كذب محمد قط. فقام آخر فقال : مجنون؟ فقال الوليد : المجنون يخنق الناس ، وما خنق محمد أحدا قطّ. وانصرف الوليد إلى بيته ، فقالوا : صبأ الوليد بن المغيرة. فدخل أبو جهل وقال : مالك يا أبا عبد شمس؟ هذه قريش تجمع لك شيئا يعطونكه ، وزعموا أنك احتجبت وصبأت! فقال الوليد : ما لى إلى ذلك حاجة