١٠٧٦ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الطلاق
ـ فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١) : قيل : الخطاب فى الآية للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، خوطب بلفظ الجماعة تعظيما وتفخيما ، وقصد بالآية جماعة المسلمين. وقيل : الآية نزلت عند ما طلق النبىّ صلىاللهعليهوسلم حفصة ثم راجعها ، قيل : إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم طلّق حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله تعالى عليه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ...) (١) (الطلاق). وقيل له : راجعها فإنها قوّامة صوّامة وهى من أزواجك فى الجنة. ونزل فى خروج المطلقة إلى أهلها قوله : (.. لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ...). وقيل : إن سبب نزول الآية أن الرسول صلىاللهعليهوسلم غضب على حفصة لمّا أسرّ إليها حديثا ، فأظهرته لعائشة ، فطلّقها تطليقة ، فنزلت الآية. والصحيح : أن الآية نزلت فى عبد الله بن عمر ، فقد طلق امرأته حائضا تطليقة واحدة ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر وتحيض ثم تطهر ، فإذا أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها ، فتلك العدة التى أمر الله تعالى أن يطلّق لها النساء. وكان هناك آخرون فعلوا مثل ابن عمر فمحتمل أنها نزلت فى واحد منهم ، أو فيهم جميعا لما تكررت المناسبة ، ومن هؤلاء : عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعمرو بن سعيد بن العاص ، وعتبة بن غزوان. وأصحّ من ذلك أن الآية بيان لشرع مبتدأ. ولم يحدث أن طلق النبىّ صلىاللهعليهوسلم امرأة من نسائه.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (.. وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ...) (٣) : قيل : نزلت فى عوف بن مالك الأشجعى ، وكان ابنه قد أسره المشركون ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشكو إليه الفاقة ، وأسر ابنه ، وجزع أمه عليه ، فقال عليهالسلام : «اتق الله واصبر ، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله» ، فعاد إلى بيته وقال لامرأته ، فقالت : نعم ما أمرنا به. فجعلا يقولان. وغفل العدو عن ابنه فساق غنمهم وهرب به إلى المدينة ، وكان أربعة آلاف شاة ، فنزلت الآية. وفى رواية أنه أصاب إبلا من العدو عددها خمسون ، وقيل : أصاب غنما ومتاعا ، وسأل الأب الرسول صلىاللهعليهوسلم : أيحلّ لى أن آكل مما أتى به ابني؟ قال : «نعم» ، ونزلت الآية.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ