الآية نزلت فى العجم فهم هؤلاء الآخرون ، وهم كل من لم يكن عربيا ودخل الإسلام بعد النبىّ صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة. وفى الحديث قال : «رأيتنى اسقى غنما سودا ثم اتبعتها غنما عفرا» وطلب من أبى بكر أن يؤوّل الرؤيا ، قال : أما السود فالعرب ، وأما العفر فالعجم تتبعك بعد العرب.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١) : قيل : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب قائما يوم الجمعة ، فجاءت عير من الشام ، فانصرف الناس إلها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا ، هم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلىّ ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبى وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة الجراح ، وسعيد بن الزبير ، وبلال ، وعبد الله بن مسعود ، فأنزلت هذه الآية. وقيل : بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلت بالبقيع ، فالتفت المصلون إليها وانفضوا عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وتركوه ليس معه إلا عدد من الرجال ، فأنزل الله الآية. وقيل : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب وقد صلى الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة الكلبى قدم بتجارة ، وكان دحية إذا قدم تلقّاه أهله بالدفاف ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس فى ترك الخطبة شيئ ، فأنزل الله تعالى الآية.
* * *
١٠٧٤ ـ فى أسباب نزول آيات سورة المنافقون
١ ـ فى قوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١) : قيل : نزلت فى عبد الله بن أبىّ بن سلول ، رأس النفاق فى المدينة ، أثناء غزوة بنى المصطلق ، فقال للأعراب يحرّضهم على المسلمين : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا ، وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل ، وفى رواية أخرى ، قال : والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمّن كلبك يأكلك. أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وقال : كفّوا طعامكم عن هذا الرجل ، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضّوا ويتركوه. فقال له زيد بن أرقم : أنت والله الذليل المنتقص من قومك ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم فى عزّ من الرحمن ومودة من المسلمين. والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا. فقال عبد الله : اسكت إنما كنت ألعب. وقال زيد للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل إليه فحلف وجحد ، وصدّقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت الآية بتصديق زيد وتكذيب ابن أبى. وقيل : أن أنصاريا فى غزوة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدر