صاحبها ، وهى المنصوبة لحفظ مصالح الناس ، فإن حفظها للمالك ثم تلفت دون تعدّ أو تفريط فلا ضمان عليه ، لأنه أمين محسن. وقد روى عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم لمّا سئل عن الرجل أصاب شاة فى الصحراء ، هل تحلّ له؟ فقال : «هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب ، فخذها وعرّفها حيث أصبتها ، فإن عرفت فردّها إلى صاحبها ، وإن لم تعرف فكلها وأنت ضامن لها إن جاء صاحبها يطلب ثمنها أن تردّها عليه» ، يعنى أن الملتقط عليه قبل أن يتصرّف فيها أن يعى أوصافها جيدا ويعرّضها ، حتى إذا جاء صاحبها وأقام البيّنة على ملكيته وفقا للأوصاف دفع إليه قيمتها. ولا يشترط فى ملتقط الضالة شروط كملتقط اللقيط ، لأن الالتقاط فى اللقيط يوجب نوعا من الولاية على اللقيط ، وبديهى أن فاقد الأهلية يحتاج إلى من يتولى أمره ، وأما من يلتقط الحيوان فلا يشترط فيه شىء من ذلك ، فالتقاطه اكتساب للمال ، ويصحّ من العاقل والمجنون ، والكبير والصغير ، والرشيد والسفيه ، والمسلم وغير المسلم ، ولذا قيل فى لقطة الحيوان : لا يشترط فى الآخذ إلا الأخذ ـ أى لا يشترط فيه إلا أن يلتقط. وفى كل الأحوال لا يجوز التقاط الحيوان فى العمران ، وليس من اللقطة الطيور والدواجن كالدجاج والحمام ، وعلى الملتقط أن يبحث عن المالك المجهول ، فإن لم يجده تصدّق بها أو بثمنها عن المالك. وقيل يجوز التقاط الحيوان من العمران ، وعلى الملتقط احتباسه ثلاثة أيام ، ويسأل عن صاحبه ، فإن لم يجده باعه وتصدّق بثمنه.
ولقطة المال : هى كل مال ضائع ولا يد لأحد عليه ، والفرق بين المال اللقطة ، والمال مجهول المالك ، أن اسم الضياع ينطبق على المال الأول ، وأمّا المال المجهول المالك كأن يجلس أمامك إنسان وينسى حافظته ، فأنت تعرف صاحبها ، وهذا إذن ليس مالا ضائعا. والمال فى مكة لا يحل للقطة ، ويباح أن تأخذه لتسلمه للشرطة أو لتبحث عن صاحبه ، أو قد تبقيه فى يدك أمانة فى حرز أمثالها ، كالوديعة ، أو قد يتصدّق به عن المالك ، فإن حضر المالك كان عليه أن يدفع عوضه من المثل أو القيمة. وقيل يعرّفه حولا وإلا تصدّق به. وإذا التقط الملتقط ما يسرع إليه الفساد كاللحم والفاكهة ، فله أن يتملكه بقيمته ويأكله ، أو يبيعه ويحفظ ثمنه أمانة شرعية لصاحبه. ولا يشترط فى ملتقط المال العقل ، ولا البلوغ ، ولا الرشد ، ولا الإسلام ، لأن التقاط المال مجرد اكتساب. وأما الكنز بلا صاحب من أهل هذا الزمان ، وفى المكان الخرب ، أو الأرض تملكها الدولة ، فهو للدولة يجرى عليه حكم اللقطة. ومن اشترى سمكة فوجد فى جوفها لؤلؤة فهى له بالحيازة. وفى الحديث أن اللقطة من المال : «إن جاء ناعتها فعرف عقاصها ـ أى الخيط الذى ربطت به ـ وعددها ، فادفعها إليه» ، وإذا مات الملتقط قام ورثته مقامه ، وعرّفوا باللقطة ، ويجوز لهم أن يتملكوها بشرط ضمان المالك إن وجد.
* * *