٢٣٠٤ ـ القسمة
القسمة اسم من الاقتسام وهو النصيب ؛ وفى الشرع هى تمييز الأنصبة ، وليست بيعا ولا صلحا ، ويجب فيها أن يكون كل نصيب بقدر الآخر دون زيادة أو نقصان. والقسمة فى القرآن كقوله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) (٨) (القمر) وكانت بين قوم ثمود والناقة ، فكان لهم يوم وللناقة يوم ، وعن ذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيها الناس لا تسألوا فى هذه الآيات ، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيّهم أن يبعث الله لهم ناقة فبعث الله عزوجل إليهم الناقة ، فكانت ترد من ذلك الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها ، ويحلبون منها مثل الذى كانوا يشربون يوم غبّها. (والغبّ هو أن تأتيهم يوما وتغيب عنهم يوما). والقسمة فى الميراث ، كقوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٨) (النساء). والقسمة الضّيزى فى قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢) (النجم) هى الجائرة عن العدل ، ويقال ضاز فى الحكم أى جار. والقسمة فى الرحمة والرزق ، كقوله تعالى : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٣٢) (الزخرف) يعنى أنه مايز بين الناس ليكون بعضهم سببا لمعاش بعض. والنبىّ صلىاللهعليهوسلم قسم خيبر. والمسلمون أجمعوا على جواز القسمة ، وهى على ضربين : قسمة إجبار وقسمة تراض. فأمّا قسمة الإجبار : كأن يطلب أحد الشركاء التخارج عن الشركة ، فيرفض الثانى ، فإن كانت القسمة سهلة ميسرة بينهما ويمكن فيها تعديل السهام من غير ضمّ شىء آخر مع بعضها ، يجبر الممتنع عن القسمة ، وتقسّم الشركة ليعطى كل ذى حقّ حقّه متى طلبه ، ولا يجوز منعه عنه. وأمّا قسمة التراضى : فهى التى لا يمكن تعديل السهام فيها إلا بأن يجعل مع بعضها عوض مالى ، فهذه لا إجبار فيها ، وكذلك سائر ما لا تجب قسمته ، وما يدخل الضرر على الشركاء بقسمته ، وأشباه ذلك. فإذا تمت القرعة فى قسمة التراضى فإنها تلزم كقسمة الإجبار ، وقيل : لا تلزم لأنها بيع طالما فيها عوض مالى ، وليست القرعة فى هذه الحالة إلا لتعريف البائع من المشترى. ولو تراضى الشركاء أن يأخذ كل واحد منهم من السهام بغير قرعة ، جاز ؛ ولو خيّر أحدهم أصحابه فاختاروا ، جاز أيضا ، فإذا كان بينهم أرض ، واتفقوا على أن يكون بعضها فى يد أحدهم ، والبعض الباقى فى يد الآخر ، أو أن يستثمر كل منهما العين كاملة لمدة سنة بالتناوب ، فتسمى هذه «قسمة بالمهاياة» ، أى بالموافقة ، وإذا طلبها أحد الشريكين وامتنع الآخر فلا يجبر الممتنع ، لأنها بمنزلة المعاوضة التى يعتبر فيها التراضى. وتلزم القسمة ولا يجوز العدول فيها إذا اقتسم الشركاء فيما بينهم من غير قاسم ولا قرعة ، فيرضى كل منهم بقسم معين يلزم به ، ولا يجوز له العدول بعد الرضا. وكذلك إذا اختار الشركاء قاسما يميز الحصص ، وأجروا