عاطل ، وأكثر من ذلك من النساء ، وكل هؤلاء فى حاجة إلى أن يعانوا من أموال الزكاة ، وعلماء المسلمين متفقون على أن : من له سكن وزوجة وأولاد ، ودخله أقل من عشرة دولارات فى اليوم ، فله أن يأخذ من الزكاة ، وفى الحديث : «لا تحلّ الصدقة لرجل له خمسون درهما». وكان هذا المبلغ ربما يكفى فى الماضى. ووجه الحديث على المسألة ، فإذا كان الرجل قويا ، وعلى علم ، وذا خبرة ، ولكن لا يكفيه دخله ، ولا يسد حاجة أولاده ، فهو فقير ، ولكل واحد من أفراد الأمة ، أنثى أو ذكرا ، نصيب من الزكاة ، وله أن يأخذ منها ، فيما لا بد منه. وقد حرّم الرسول صلىاللهعليهوسلم الزكاة على من كان عنده «ظهر غنى» ، وهو «عشاء ليلة» ، ومن كان دخله وأولاده دولارا ونصف فى اليوم ، هل يكون عنده «عشاء ليلة»؟!
* * *
٢٢٤٠ ـ العمل أصلح ما يأتيه المسلم
كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم «عمّال أنفسهم» ، لأن العمل أشرف ما يأتيه المسلم ، وبالعمل يبلو الله الناس أيهم أحسن عملا ، ومن أحسن عملا لا يضيع أجره ، وأحسن العمل هو العمل الصالح ، وليس أصلح من عمل اليد ، والأنبياء كانوا عمالا : فآدم كان حرّاثا ، وداود زرّادا ، ونوح نجّارا ، وإدريس خيّاطا ، وإبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، وإسماعيل رعاة : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٩٠) (الأنعام) ، وفى الحديث : «ما أكل أحد طعاما خير من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبىّ الله داود عليهالسلام كان لا يأكل إلا من عمل يده» ، وفى كتب اليهود داود كان راعى أغنام (صمويل ١٦ / ١١) ، ويجيء أيضا أن شاول عيّن داود على السلاح (صمويل ١٦ / ١٩) ، يعنى أنه كان من صنّاع السلاح. وقوله صلىاللهعليهوسلم : «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه» ، فإن الكسب أعمّ من أن يكون عملا باليد أو بغيرها ، وقيل أصل المكاسب ثلاثة ، هى المكاسب الأصول : الزراعة ، والتجارة ، والصناعة ، والأمة التى يمهر أبناؤها فى التجارة تراها تمتهن أطيب الأعمال ، لأن التجارة شطارة وحركة وعلم وإدارة وعلاقات عامة ، وعلاقات مع الدول والأفراد والحكومات ؛ والتى يمهر أبناؤها فى الزراعة إنما لأن الزراعة هى الأصل ، والتى يشتغل شعبها بالصناعة تراها تمتهن أمهر الأعمال ، وفى الخبر أن علماء بعض البلدان عابوا على أهلها أن براءات اختراعاتهم صارت أقل من غيرها للأمم الأخرى ، وعاب بعضهم على تدنّى مستوى التعليم ، وتوجهات الشباب للدراسات النظرية دون العملية والتطبيقية ، والانصراف عن تكنولوجيا المعلومات. والصواب أن أطيب الكسب ما كان عن تقوى الله ، فى أى من المجالات ، سواء كانت تجارية أو زراعية أو صناعية ، وما تعدّى فيه النفع ، والنفع المتعدّى من مبادئ الإسلام ، وتعدّيه لأنه يتجاوز النفع لصاحبه إلى الناس وما