وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (٢١٥) (البقرة) ، وأشرك الوالدين فى الإنفاق لأنه من غير المعقول أن يستوفى المنفق حاجات المجتمع ويترك أبويه يتسولان الناس. ومن شروط الإنفاق أن لا يتبعه منّ ولا أذى ، وأن يؤتى فى السراء والضراء ؛ وفى السرّ والعلن ، والأفضل أن يكون خفية ، وأن لا يكون عن إسراف ولا تقتير ، ولا تكون مصادره خبيثة وأصله حرام ، وأن ينفق كل ذو سعة من سعته ، ومما فضل بعد استيفاء حاجاته وأسرته ، ومثّله الله تعالى بالحبّة تنبت سبع سنابل ، وفى كل سنبلة مائة حبة ، فهكذا أجر المنفق عند الله ، وهو الذى لا ينفق رياء ، ولا وهو كاره ، ولا يؤثر أن يكنز ماله عن أن ينفقه فى سبيل الله والمستحقون للإنفاق عليهم فى الآية خمس فئات ، على سبيل المثال لا على سبيل الحصر والتعداد.
* * *
٢٢٣٩ ـ حدّ الفقر فى الإسلام
اختلف فقهاء المسلمين فى الفقراء والمساكين فى آية مصارف الصداقات ، فى قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٦٠) (التوبة) ، وفى الآية أن الله تعالى خصّ بعض الناس بالأموال دون بعض ، نعمة منه عليهم ، وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم يؤدونه إلى من لا مال له ، نيابة عنه سبحانه ، بقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٦) (هود) يعنى أن الرزق يكفى العالم حاليا ومستقبلا وإنما سبب الكوارث والمجاعات والفروق الاجتماعية فيه ، أن البعض ـ وهم القلّة ـ يستولون غصبا على رزق الغالبية ويحوزونه لأنفسهم ، فيختل الميزان الاجتماعى وتخلق طبقة الفقراء والمساكين والمستضعفين إلخ. والفقراء والمساكين هم الذين يستحقون الصدقة أكثر من غيرهم ، والفقير عند العرب من نزعت فقار ظهره من شدة الفقر ، فلا حال أشدّ من هذه ؛ والمسكين أحسن حالا منه ، وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يؤثر أن يكون مسكينا على أن يكون فقيرا إن كان الاختيار بين أن يكون هذا أو ذاك ، فكأنه يتعوّذ من الفقر وهو يقول : «اللهم أحيني مسكينا وأمتنى مسكينا» أخرجه الترمذى ، فلو كان المسكين أسوأ حالا من الفقير لتناقض الخبران ، إذ يستحيل أن يتعوّذ من الفقر ثم يسأل ما هو أسوأ منه. والمسلمون مختلفون فى حدّ الفقر الذى يجوز معه أن يعال الفقير من أموال الزكاة ، وفى مصر مثلا هناك أكثر من ٨٨ خ من السكان تحت خط الفقر ، ويبلغ متوسط دخل الفرد من طبقة العمال والفلاحين دولارا ونصف فى اليوم ، ومن طبقة الموظفين من خريجى الجامعات نحو ذلك ، وهناك ١٢ مليون