كان للدولة أن تتدخل من باب الحسبة ، وأن تستوفى هذا الحق قهرا عن الأغنياء ، وفارق بين القول بأن الفقير شريك الغنى حقيقة ، وبين أن يقال أنه شريكه واقعا. وهذا هو الإسلام! وهذه هى اشتراكية الإسلام!
* * *
٢٢٣٤ ـ المؤلفة قلوبهم
هؤلاء كانوا فى صدر الإسلام ممن يظهرون الإسلام ، ويتألّفون بدفع سهم من الصدقة إليهم لضعف يقينهم ؛ وقيل : هم من أسلم من اليهود أو النصارى وإن كان غنيا ؛ وقيل : هم صنف من غير المسلمين يعطون ليتألّفوا على الإسلام ، ورأى المسلمون فيهم أنهم يسلمون بالعطاء والإحسان ؛ وقيل : هم الذين أسلموا فى الظاهر ولم تستيقن قلوبهم ، فيعطون ليتمكن الإسلام فى صدورهم. وهذه الأقوال متقاربة ، والقصد بجميعها الإعطاء لمن لا يتمكن إسلامه إلا بالعطاء ، أو ليمنع أذاهم عن المسلمين ، وتقصر ألسنتهم عن الإسلام ، وقد يكون ذلك من باب الرشوة ، إلا أنها تشبه اليوم ـ المخصصات لبعض الدول تعطى كمعونات ، أو لبعض الكتّاب والمسئولين ، لتأليفهم على رأى الحكومات ، أو اتجاهات الأحزاب ، أو سياسات الدول ، وقد يكون من تعطى له هذه الأموال أو الخدمات من نفس الدولة أو من دول إسلامية أو غير إسلامية ، فذلك كله جائز ، وهو ضرب من الجهاد. والدول والناس ثلاثة أصناف : فصنف يجدى معه الحوار وإقامة البرهان ، وصنف ينفع معه الإحسان ، وصنف لا يدفع أذاه إلا أن تتناوله وسائل الإعلام بالذّم ، وتنبّه إليه وإلى مخازيه ، وما من أحد من هؤلاء إلا وله مخاز يمكن البحث عنها ، وتحرّى أمرها ، ونشرها على الملأ ، لتهتز صورة هذا العدو للإسلام ، فلا يؤبه لكلامه من بعد ، ولا يعود مطاعا فى قومه. ولنا فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسوة ، وقد أعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير (يعنى نحو نصف مليون جنيه) ؛ وحكيم بن حزام ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزّى ، وصفوان بن أمية ، ومالك بن عوف ، والعلاء بن جارية ، مائة بعير لكلّ منهم ، وهؤلاء هم أصحاب المئين ، وأعطى آخرين دون ذلك ، منهم : مخرمة بن نوفل الزهرى ، وعمير بن وهب الجمحى ، وهشام بن عمرو العامرى ، وسعيد بن يربوع ، وعباس بن مرداس السلمى ، وهذا الأخير لم يرض واستمر يهجو المسلمين ، فقال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «اذهبوا فاقطعوا عنى لسانه» ، يعنى زيدوا له ، فأعطوه حتى رضى ، فكان ذلك قطع لسانه ، ولعل ذلك كان يجدى أكثر مع سليمان رشدى ، ونيبول ، وكثير غيرهما من الصحفيين والروائيين والسياسيين ، سواء فى إسرائيل ، أو تركيا ، أو بريطانيا ، أو أمريكا ، أو كندا ، أو مصر نفسها ، فالمسألة سواء ، وقد ذكر فى المؤلفة قلوبهم : النضر بن الحارث ، ومالك بن عوف ، وحكيم بن حزام ، وعكرمة بن أبى جهل ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، ومالك بن