أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (الحشر) ، والآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (الأنفال) ، فلما توفى الرسول صلىاللهعليهوسلم خصّ الحكام أنفسهم والأئمة بخمس الله والرسول؟! وهذا هو المعمول به فى دول الخليج ، وفى الدولة الإسلامية التى لرؤساء الجمهورية فيها ميزانيات مفتوحة لا حدّ لها. والمتأمل للآيتين يتبين أن كل دخل الدولة ، سواء كان فيئا ، أو مغانم ، أو ضرائب وزكاة ، هو لأبنائها من المسلمين وغيرهم ، وكلهم سواء ، ولهم نصيب من هذا الدخل ، ومما ينفق عليه منه من أوجه الصرف ، كالتعليم وفرص العلاج والعمل ، ولا بد أن يتساوى فيها الناس ، لأنهم جميعا مواطنون. وفى الآية : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) (١) (الأنفال). والفيء هو عائد الغزوات ، بالصلح أو الجزية أو بالعشور أو بالخراج ، بينما المغانم هى العائد بالقتال ، والأنفال هى الأراضى التى تضم للدولة بالصلح ، وكل أرض خربة باد أهلها. وهذا التقسيم الخماسى للفيء والمغانم ، كان معمولا به زمن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وتوقف العمل به الآن ، لاتساع رقعة الدولة ، وتشابك اقتصادها ، وعظم مواردها ، والرسول فى حياته ما كان يكنز المال ، ولا يتأثّله ، وكان لا يأخذ من مال الزكاة ـ وهى التى تضاهى الآن الضرائب على الأموال إلا ما يحتاج إليه فى معيشته وأهله ، وهذا المبدأ هو نفسه المبدأ الاشتراكى الذى يقضى بأن يعطى الفرد بقدر جهده ثم يأخذ بقدر حاجته ، وكان يقول : «ليس لى من غنائمكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم». وعند الشافعى فإن خمس الرسول كان ينبغى أن يردّ بعد وفاته إلى الدولة ويدخل فى مواردها وفى الميزانية العامة ، ويصرف منه على مصالح المسلمين. ولم يورّثه الرسول صلىاللهعليهوسلم لحاكم ، ولا لإمام ، ولا لقرابة له كما يقول الشيعة ، وقال : «إنّا لا نورث ؛ ما تركناه صدقة».
* * *
٢٢٣٣ ـ الفقير شريك للغنى فى العين بحصته من الزكاة
هل الفقير شريك للغنى فى العين ويملك فيها بمقدار حصته من الزكاة ، تماما كما يملك الغنى ، أو أن الفقير صاحب حق فى العين دون أن يملك شيئا منها ، تماما كصاحب الرهن؟ وهل الغنى مسئول عن الزكاة تجاه الفقير ، كما أن صاحب العين مسئول تجاه صاحب الرهن؟
وأهل الإسلام على أن الزكاة تتعلق بالعين ، والفقير شريك للغنى فى العين ، ويملك منها بمقدار حصته على النحو الذى يملكه الغنى ، وليس للغنى أن يتلف ماله كما يحب ، لأن فى ذلك ضياع لحق الفقير فيه. والمقصود بذلك أن الله تعالى قد جعل للفقراء حقا فى أموال الأغنياء كحقّ غرماء الميت المتعلق بتركته ، بحيث إذا امتنع الأغنياء عن أداء هذا الحق