المفلس على قبول الصدقة. وكل ما له فيه شبهة وجب التصدّق به. وإذا لم يطلب الرهون أصحابها ، وما من سبيل إلى معرفتهم ، فالأولى أن تباع ويتصدق بثمنها. والمتصدّق فى كل الأحوال لا يجوز له الرجوع فى الصدقة.
* * *
٢٢١٨ ـ لا صدقة من غلول
الغلول هو الخيانة ، وفى قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦١) (آل عمران) ، ويغل : يعنى يخون ويختلس ويأخذ الشيء فى الخفاء ، فمن الخيانة يقال أغلّ يغلّ ، ومن الحقد يقال غلّ يغلّ. وفى الحديث : «لا إغلال ولا إسلال» ، أى لا خيانة ولا سرقة ، والآية فى النهى عن الغلول ، وفى الحديث : «لا يقبل الله صلاة إلا بطهور ، ولا صدقة من غلول» ، ولا يقبل الله الصدقة بالحرام ، لأن الحرام غير مملوك للمتصدّق.
* * *
٢٢١٩ ـ المبادرة بالصدقة قبل أن يأتى الموت
فى الوصايا لمّا سئل النبىّ صلىاللهعليهوسلم : أى الصدقة أفضل؟ قال : «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح ، تخشى الفقر وتأمل الغنى ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ولفلان كذا ، وقد كان لفلان ...». وتمهل يعنى تتريث. وفى القرآن : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) (١٠) (المنافقون) ، وفى ذلك تحذير من التسويف بالإنفاق استبعادا لحلول الأجل ، واشتغالا بطول الأمل ، وفيه ترغيب فى المبادرة بالصدقة قبل هجوم المنية وفوات الأمنية. وفى الحديث : «وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول». والدّين أحقّ أن يقضى من الصدقة ، وليس للمتصدّق أن يتصدّق بكل ماله فيضيّع أموال الناس بعلّة الصدقة ، وفى الحديث : «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك».
* * *
٢٢٢٠ ـ فمن لم يجد الصدقة؟
فى القرآن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) (٢٦٧) (البقرة) ، فإن لم يجد المسلم ما يكسب ولا ما يتصدّق به ، فعليه بقوله صلىاللهعليهوسلم : «على كل مسلم صدقة» ، فسألوه : «فمن لم يجد؟ قال : «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدّق» ، قالوا : فإن لم يجد؟ قال : «يعين ذا الحاجة الملهوف» ، قالوا : فإن لم يجد؟ قال : «فليعمل بالمعروف ، وليمسك عن الشرّ ، فإنها له صدقة». والحديث فيه : أن الصدقة أعمّ من إنفاق المال ، ولو بإغاثة الملهوف ، والأمر بالمعروف ؛ والإمساك عن الشرّ ـ وهو من الخير ، فإن كان شرّه لا يتعدّى نفسه فقد تصدّق