٢٢١٦ ـ شرط الصدقة الكسب الطيب
لقوله تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١٨) (الحديد) ، والقرض لا يكون حسنا إلا لأنه من كسب طيب ، وكان مصرفه فى الوجوه الطيبة ، وكل ما فى القرآن من «قرض حسن» فهو صدقة التطوع والنفقة فى سبيل الله ، وفى الحديث : «من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ فإن الله يتقبّلها بيمينه ، ثم يربّيها لصاحبها كما يربّى أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل» ، والفلو هو المهر ، أو كل فطيم من ذات حافر ، وضرب به المثل لأنه بالتربية يزيد بسرعة ، ولأن الصدقة نتاج العمل ، وأحوج ما يكون إلى التربية إذا كان فطيما ، فإذا أحسنّا العناية به انتهى إلى حدّ الكمال ، وكذلك الصدقة إذا كانت من كسب طيب ، لا يزال الله راضيا عنها يضاعفها إلى الحدّ الذى تصبح بالمقارنة كالتمرة إلى الجبل ، كقوله : (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (٢٧٦) (البقرة).
* * *
٢٢١٧ ـ الصدقة الواجبة وصدقة التطوّع
الصدقة : تمليك للمحتاج فى الحياة بغير عوض على وجه القربة إلى الله ، كقوله تعالى : (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (١٩٦) (البقرة) ؛ وأمّا إن كانت قربة إلى إنسان فهى هدية ؛ و «الصدقة الواجبة» : هى التى تؤخذ من مال المسلم ، لا على وجه القربة ، وإنما تطهيرا للمال ، كقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) (١٠٣) (التوبة) وتخصّ باسم الزكاة. وأما «صدقة التطوع» : فالأمر فيها اختيارى ، وتستحب فى جميع الأوقات وليس كالزكاة فى آخر كل عام ؛ و «صدقة السرّ» أفضل من صدقة العلانية ، لقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢٧١) (البقرة) ؛ ويستحب الإكثار من «صدقة السرّ» وقت الحاجة ، وخاصة على ذى القرابة ، وعلى من اشتدت حاجته. والأولى أن تكون الصدقة من «الفاضل» عن كفاية المتصدّق ومن يعولهم ، فإن تصدّق بما ينقص من كفاية من تلزمه نفقتهم ولا كسب لهم ، أثم ؛ وإن لم يكن له من يعولهم وأراد التصدّق بكل ماله ، واثقا من صبره على نفسه ، ومن توكله وتعففه ، فله ذلك ، وإلّا فهو مكروه ؛ ومن نذر التصدّق بماله كله أجزأه الثلث. ويجوز للمرأة أن تتصدّق من مال زوجها بالشىء اليسير دون إذنه ، ويجوز ذلك بكل من يعولهم. وإذا دفع الزوج لزوجته نفقتها ، فلها أن تتصرف فيها بما أحبّت من الصدقة ، ما لم يعد ذلك عليها بالضرر ؛ وإن دفع إليها كسوتها ، فلها كذلك أن تتصدّق بها. ولا تحلّ الصدقة على النبىّ صلىاللهعليهوسلم وآله. ويجوز دفع صدقة التطوع لكل من تحرم عليه صدقة الفرض ؛ ولا يجوز دفع الصدقة الواجبة لغير المسلم ، وأما صدقة التطوع فتجوز. ولا يجبر