تنقص حسناتى يوم القيامة! ولقد سمعت الله يقول فى أقوام : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (٢٠) (الأحقاف)». وفى الرواية أن جابرا اشترى لحما لأهله اشتهوه ، فمر بعمر ، فسأله عمّا بيده ، فأخبره ، فقال : «أو كلما اشتهى أحدكم شيئا جعله فى بطنه! أما يخشى أن يكون من أهل هذه الآية : «أذهبتم طيباتكم»؟ ـ فهذا مثال مما ينبغى أن يكون عليه السلوك المسلم القويم ، ويسمون ذلك بلغة العصر «السلوك الاشتراكى» ، وأهل الحكمة يقولون إنه مقتضى الحكمة للحاكم والمحكوم ، فالناس سواء ، والثروة الاجتماعية لا بد أن توزّع بالعدل ، ولم تكن الثورات والقلاقل فى المجتمعات إلا بسبب سوء توزيع الثروة. وبلغة العلم : فإن الغنى إذا اعتاد البذخ ، استحال أن يمنع عنه ، والذى يضبط سلوك الأفراد والمجتمعات هو القاعدة الإسلامية أو الاشتراكية : على المرء أن يأكل ويلبس وينفق ويعيش ما وجد طيّبا من طعام أو شراب ، فإن لم يجد فعليه الزهد والتقشف ، ولا يتكلّف الطيّب ـ أى المترف ـ فيصبح عنده عادة. وقد كان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يشبع إذا وجد ، ويصبر إذا عدم ، ويأكل الحلوى إذا قدر عليها ، ويشرب العسل إذا اتفق له ، ويأكل اللحم إذا تيسر ، والبصير من تحكّم فى نفسه ولا تتحكم فيه شهواته ، والفارق بين الاشتراكية العلمية وبين اشتراكية الإسلام : أن الأولى غير إيمانية ولا تحفل بالإنسان ، واشتراكية الإسلام إيمانية وإنسانية أولا ، وفردية وجماعية ثانيا ، ولنا فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسوة ، وفى الصحابة قدوة. واليوم غلب الحرام فى اقتصاد الخصخصة ، وتمر بلادنا التى تذهب مذهب الخصخصة وتتابع أمريكا وسياسة العولمة ، وتطبّق الانفتاح الليبرالى ، وفصل الدين عن الدولة ، بأسوإ فترات تاريخها ، حتى أن الفساد عمّ وطمّ ، وبات الخلاص عسيرا ، ولم يعد ثم منجاة لأحد إلا من رحم ربّك!
* * *
٢٢١٣ ـ الصدقة والزكاة
لفظ الصدقة يعمّ الفرض والنفل ، كقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ) (التوبة ١٠٣) ؛ والزكاة كذلك تعمّ الفرض والنفل ، لكن الزكاة لا تطلق غالبا إلا على الفرض دون التطوع ، فهى أخصّ من الصدقة من هذا الوجه ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (٤) (المؤمنون) ، وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٨٣) (البقرة). ولفظ الصدقة من حيث الإطلاق على الفرض مرادف للزكاة ، والأحاديث كثيرة وفيها لفظ الصدقة على الفرض ، كقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) (٦٠) (التوبة) والأغلب التفرقة.
* * *
٢٢١٤ ـ آية الصدقة
هى الآية : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ