أملاكا أو أوراقا مالية مقوّمة بالذهب والفضة. والكنز وعدم الإنفاق هما احتباس للمال عقوبته العذاب الأليم. وشبيه بالكانز كل من يختص نفسه بالمال حتى وإن أسرف ، فطالما قد قصر المال على نفسه دون المجتمع فهو كانز للمال. وفى الحديث ، «بشّر الكنّازين برضف» ، والرّضف هى الحجارة التى تحمّى فى الشمس أو بالنار ، واحدتها رضفة. وفى رواية قال : «بشّر الكنّازين بكىّ فى ظهورهم يخرج من جنوبهم ، وبكىّ من قبل أقفائهم يخرج من جباههم». وقيل إن رجلا من أهل الصّفّة (فقراء المسلمين) مات ، وعثروا فى بردته على دينار ، فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «كيّة» ، ومات آخر كان فى بردته ديناران فقال : «كيّتان» ، فالمال مهما قلّ لا بد أن يعمل ولا يختزن.
* * *
٢٢١٢ ـ الإنفاق الاشتراكى فى الإسلام
روى عن عمر قوله : لأنا أعلم بخفض العيش ، ولو شئت لجعلت أكبادا وصلاء وصنابا وصلائق ، ولكنى استبقى حسناتى ، فإن الله تعالى وصف أقواما فقال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) (٢٠) (الأحقاف). والصّلاء : الشواء ، سمّى بذلك لأنه يشوى بالنار ، من صلى اللحم يعنى شواه ؛ والصّناب : سلطة الخردل والزيت ؛ والصلائق : البقول المصلوقة ، أى المجمورة ، وهى أيضا الخبز الرقاق العريض المقمّر والمفرد الصليقة ؛ وكل ذلك من نعيم العيش وطيب الطعام. وقال عمر : لو شئت كنت أطيبكم طعاما ، وألينكم لباسا ، ولكنى استبقى طيباتى للآخرة. ـ ولمّا قدم الشام قدّموا له طعاما لم ير قطّ مثله ، فسأل : فما ذا لفقراء الناس؟ فقال خالد بن الوليد : لهم الجنة! فبكى عمر وقال : لئن كان حظنا من الدنيا هذا الحطام ، وذهبوا هم فى حظهم بالجنة ، فلقد باينونا بونا بعيدا! ـ وفى الخبر : أن عمر دخل إلى مشربية النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فلم يجد شيئا يستهوى البصر إلا أهبا جلودا معطونة ، قد سطع ريحها ، فقال : يا رسول الله! أنت رسول الله وخيرته ، وهذا كسرى وقيصر فى الديباج والحرير؟؟! فاستوى النبىّ صلىاللهعليهوسلم جالسا وقال : «أفىّ تشكّ يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا»! وكان عمر يأكل الخشن من الطعام ، لأنه حاكم وقدوة ومسئول ، ولا يريد أن يأكل حسناته ، لأنه يؤمن بالآخرة والحساب والمسئولية ، وأما حكام اليوم فيأكلون حسناتهم فى الدنيا ، وهذا دليل على أنهم لا يؤمنون فى أعمالهم بالآخرة ولا بالمسئولية والحساب ، وأنهم يظهرون الإسلام نفاقا ، فلا تصدقوهم إن أظهروا الإسلام! ولمّا لاموا عمر أن باستطاعته أن يكون له الطعام الشهىّ ، قال : أعلم أنى أستطيع أن آمر بالماعز السمين المشوى ، والصاع والصاعين من الزبيب يلقى فى السقاء ويشن عليه الماء فيصبح كأنه دم الغزال! إنى والله الذى لا إله إلا هو ، أخاف أن