الأنبياء إلا يأتيه ملك من الملائكة من عند ربّه بالرسالة وبالوحى ، فمن صاحبك حتى نتابعك؟ قال : جبريل ، قالوا : ذاك الذى ينزل بالحرب وبالقتال! ذاك عدوّنا! لو قلت ميكائيل الذى ينزل بالقطر وبالرحمة ، لتابعناك ، فأنزل الله الآية. أخرجه الترمذى.
٢٤ ـ وفى قوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) (٩٨) : قيل : خصّ الله جبريل وميكائيل لأن اليهود ذكروا أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم يوحى إليه جبريل ، وهو عدو اليهود ، لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ، فلو كان يوحى إليه ميكائيل لكان أفضل ، فميكائيل هو ملاك اليهود ، لأنه ينزل بالقطر والرحمة (والقطر هو المطر) ، وهو عن يمين الربّ ، بينما جبريل عن يساره ، فنزلت الآية بسببهما.
٢٥ ـ وفى قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) (٩٩) : قيل : هذا جواب لليهودى ابن صوريا ، قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا محمد ، ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما أنزلت عليك من آية بينة فنتبعك بها؟ فأنزل الله هذه الآية.
٢٦ ـ وفى قوله : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠٠) :
قيل : نزلت فى نقضهم للعهود التى كانت بينهم وبين النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، كفعل قريظة والنضير ، كقوله : (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) (٥٦).
٢٧ ـ وفى قوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١٠٢) : قيل : لمّا نزل القرآن يذكّر بالمرسلين ، قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون لمحمد؟! يزعم أن ابن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا! فنزلت هذه الآية تنفى عن سليمان السحر ، والسحر سواء لمن يمارسه أو يتعلمه كفر ، واليهود كفروا لتعلمهم السحر ، والشياطين والملكان كفروا لممارستهم السحر فى بابل ، والسحر أصله التمويه بالحيل.
٢٨ ـ وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٠٤) : قيل : كان اليهود يخاطبون النبىّ صلىاللهعليهوسلم يقولون (راعِنا) (النساء ٤٦) ، وقلدهم المسلمون عليها ، وفى المخاطبة بها جفاء ، ونهاهم سعد بن معاذ لمّا رآهم يقلدون اليهود فيها ، فنزلت الآية تنهى عن ذلك وتأمر المسلمين أن يتخيّروا لمخاطبة النبىّ صلىاللهعليهوسلم أحسن الألفاظ وأرق المعانى.