شريعتها ، وهذه هى المساواة التى ما بعدها مساواة ، وانظر مثلا إلى النصرانى المصرى عند ما يهاجر إلى أمريكا أو انجلترا ، أو النصرانى الذى يعيش فى إسرائيل ، فهل تحكمه شريعته؟ أبدا ، بل هو خاضع لشريعة البلاد التى يعيش فيها ، إلا فى بلاد الإسلام ، فإن النصارى لهم شريعتهم وأحكامهم ومحاكمهم الملّية ومدارسهم ، وهذه هى ميزة الإسلام.
* * *
٢٢٠٨ ـ طلب اللجوء السياسى
هو أن يطلب فرد أو جماعة أجنبية الأمان من عدوان الدولة التابع لها ، لآراء يبديها معارضة ، وحق المعارضة يكفله الإسلام ، والرأى الآخر أصل من أصول الشورى ، ومن حق أفراد البلد المعادى أن يطلبوا الأمان فى بلاد الإسلام ، ويسمى ذلك عقد الأمان ، بقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (٦) (التوبة) ، ومن حق أى مسلم أو مسلمة أن يؤمّن أى فرد من الأعداء أو غيرهم يطلب منه الأمان أو اللجوء ، وفى الحديث : «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، وهم يد على من سواهم» ، وأجار الرسول صلىاللهعليهوسلم من أجارته أم هانئ ، ومن أجارته ابنته زينب ، وأمر أن يؤمّن ، و «المؤمّن» : لا يجوز القبض عليه ، ولا تسليمه ، ولا أن يقتل ، ولا يعتدى على ماله ؛ ويسرى «عقد الأمان» بمجرد موافقة الدولة عليه ، وهو حق من الحقوق الإنسانية فى بلاد الإسلام ، ولا يجوز طرد اللاجئ المؤمّن ، أو سحب حقّ اللجوء منه ، ما لم يثبت استغلاله لهذا الحق فى التجسّس أو الإضرار بالمسلمين. ويقال «للحربى» الذى يلجأ لديار الإسلام طالبا الأمان واللجوء أنه «مستأمن» ، ومدة إقامته سنة لا تزيد ، وطالما هو مقيم خلالها فهو مستأمن ، فإذا زاد عليها ونوى الاستيطان فهو «ذمّى» ، وله حكم الذمّى فى تبعيته للدولة الإسلامية ، ولا يحق طرده بأى حال من الأحوال ، ولا إلغاء حقّه فى اللجوء ، ولزوجته وأولاده حق اللحاق به. والذمّى له ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، وكذلك المستأمن اللاجئ ، وإذا مات لا تذهب ملكيته عن ماله وتذهب إلى ورثته ، فإذا لم يكن له ورثه ضمّ هذا المال إلى مال الدولة.
* * *
٢٢٠٩ ـ الذمة هى العهد والأمان
الذّميون أو أهل الذمة : هم من لا يدينون بالإسلام من أهل البلد الذى أغلبه من المسلمين ؛ وعقد الذمة : هو أن يلتزم أهل بلد ما أغلبهم من غير المسلمين بأحكام الإسلام جملة ، وإذا دخل الكتابى أو غيره فى «عقد الذمة» ، وصار من «أهل الذمة» ، أمن على نفسه وماله وأهله ، وضمن حريته. والمسلمون يدفعون الزكاة ، والذميون يدفعون الجزية ،