«اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل بن عمرو : أما ، «الرحمن الرحيم» ، فما ندرى ما «الرحمن الرحيم»! ولكن اكتب ما نعرف : «باسمك اللهم». فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «اكتب : من محمد رسول الله» ، قال سهيل : لو علمنا أنك رسوله لاتّبعناك ، ولكن اكتب اسمك ، واسم أبيك ، فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «اكتب من محمد بن عبد الله» ، فاشترطوا على النبىّ صلىاللهعليهوسلم : أن من جاء منكم لم نردّه عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا. فقال المسلمون : يا رسول الله ، أنكتب هذا؟ قال : «نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا». فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال : «بلى» ، قال : أليس قتلانا فى الجنة ، وقتلاهم فى النار؟ قال : «بلى» ، قال. ففيم نعطى الدّنيّة فى ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : «يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ، ولن يضيّعنى الله أبدا» ، فانطلق عمر وأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال : بلى. قال أليس قتلانا فى الجنة ، وقتلاهم فى النار؟ قال : بلى. قال : فعلام نعطى الدّنيّة فى ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ولن يضيّعه الله أبدا! فنزل القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه ، فقال عمر : يا رسول الله ، أو فتح هو؟ قال : «نعم» ، فطابت نفسه ورجع.
* * *
٢٢٠٧ ـ الناس سواء تحت لواء القرآن
المساواة مبدأ مقرر فى الإسلام ، ففي القرآن : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (١٣) (الحجرات) ، وفى الحديث : «الناس سواسية كأسنان المشط الواحد ، لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى» ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «إن الله قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرهم بآبائهم ، لأن الناس من آدم ، وآدم من تراب ، وأكرمكم عند الله أتقاكم». والمسلم كالذمّى سواء بسواء حتى فى العقيدة ، فالقاعدة فى الإسلام أنه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (٢٥٦) (البقرة). وتشريعات الملل الأخرى بحسب كتبهم يقر بها الإسلام ، ومن أصوله الإيمان بكل الرسالات ، كقوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (١٣٦) (البقرة) ، فالقرآن يصادق على ما سبقه من كتب ويهيمن عليها ، كقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٤٨) (المائدة) ، وكل أصحاب ديانة إذن فى أرض الإسلام ـ طبقا لذلك ـ يحكّمون نصوص ديانتهم ولا يخضعون لما يخالف