مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) (٢٢) (المجادلة) ، يعنى من يحب الله ورسوله ، ويدعو أن يموت على الإسلام ، لا يمكن أن يوالى ، ولا أن يواد ، ويظاهر ، ويؤيد ، ويتعاون ، مع هؤلاء الذين يخالفون الإسلام ، ويبدون البغض للمسلمين ، ويشاقّون آيات الله وأحكام رسوله.
* * *
٢٢٠٦ ـ صلح الحديبية كنموذج للصلح فى الحروب
هو الصلح الذى تم بين الرسول صلىاللهعليهوسلم وأهل مكة سنة ست هجرية ، وكان قد خرج إلى مكة فى ذى القعدة ، واستنفر الأعراب حول المدينة للخروج معه فأبطأ عنه أكثرهم ، فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار وعددهم ألف وأربعمائة ، أو ألف وخمسمائة ، يقصد مكة معتمرا ، وساق معه الهدى وأحرم ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب ، فلما بلغ خروجه قريشا خرج جمعهم صادّين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المسجد الحرام ودخول مكة ، وورد الخبر بذلك إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو بعسفان ، فسلك طريقا يخرج فى ظهور قريش ، وخرج إلى الحديبية من أسفل مكة ، ثم جرت السفراء بين رسول الله وبين كفّار قريش ، وطال التراجع والتنازع ، إلى أن جاء سهيل بن عمرو العامرى ، فاتفقا على أن ينصرف النبىّ صلىاللهعليهوسلم عامه ذلك ، فإذا كان من قابل جاء معتمرا ودخل هو وأصحابه مكة بغير سلاح ، على أن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام ، يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا ، وإذا جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما ـ من رجل أو امرأة ، ردّ إلى الكفار ، ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يردّوه إلى المسلمين ، فعظم ذلك على المسلمين حتى كان لبعضهم فيه كلام ، وقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اصبروا فإن الله يجعل هذا الصلح سببا إلى ظهور دينه» ، فأنس الناس إلى قوله بعد نفار منهم. وأبى سهيل بن عمرو أن يكتب فى صدر صحيفة الصلح : من محمد رسول الله ، وقالوا له : لو صدّقناك بذلك ما دفعناك عمّا تريد ، فلا بد أن تكتب : باسمك اللهم» ، فأبى علىّ أن يمحو بيده «محمد رسول الله» ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعرضه علىّ» ، فأشار إليه ، فمحاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، وأمره أن يكتب : «من محمد بن عبد الله» ، وردّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ نتيجة لهذا الصلح ـ أبا جندل بن سهيل إلى الكفار ، وعظم ذلك على المسلمين ، فأخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وأخبر أبا جندل ـ أن الله سيجعل له فرجا ومخرجا. وفى رواية أخرى أن عليا هو الذى كتب الصلح بين النبىّ صلىاللهعليهوسلم والمشركين ، فكتب : «هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ، فقالوا : لا تكتب «رسول الله» ، فلو نعلم أنك «رسول الله» لم نقاتلك. فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم لعلىّ : «امحه» ، فقال علىّ : ما أنا بالذى أمحوه ، فمحاه النبىّ صلىاللهعليهوسلم بيده. وكان فيما اشترطوا : أن يدخل المسلمون مكة فيقيموا فيها ثلاثا ، وفى رواية أخرى : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أملى عليا :