٢٢٠٣ ـ فى الإسلام : رئيس الدولة من أفراد الأمة ويسرى عليه ما يسرى عليهم
رئيس الدولة فى الإسلام «وكيل عن الأمة» ، أو هو كالوصى ، ولا ميزة له على غيره من أفراد الشعب إلا باعتباره هذا : أنه «وكيل الأمة» ، أو «الوصى على أمورها». فإذا تعدّى الرئيس على أحد ، كان من الواجب أن يقتص منه ، وأن يكفل ذلك الدستور ، لأن القرآن والسنّة ـ ولهما المرجعية ـ قد فرضا ذلك ، فطالما أن الحاكمية لله فلا فرق بين رئيس وعامل أمام أحكام الله ، وهى أحكام عامة تنطبق على الآحاد والجماعات ، وتسرى على الجميع. وفى القرآن مثلان للرؤساء : الأول بلقيس ملكة سبأ ، وحكومتها ملكية مستنيرة ، والأمر فيها شورى ، قالت لشعبها : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) (٣٢) (النمل) ؛ والمثل الثانى فرعون ، وحكومته ملكية مطلقة ، وأمور الدولة فيها يستأثر بها واحد دون الشعب ، يقول : (ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) (٢٩) (غافر) ، وحكومة المستبد لا تستشير ، ولا تشاور ، ولا تقبل معارضة ، والمعارضة أصل من أصول نظام الشورى ، والمستبد دأبه أن ينكّل بالمعارضة ، وليس واجب رئيس الدولة تلمّس الأخطاء للمعارضة ، وتفصيل القوانين التى تلقى بالناس فى السجون ، وإنما واجبه كما نصّ على ذلك عمر بن الخطاب : توعية الناس بحقوقهم ، وصون هذه الحقوق ، ورعاية «صالحهم» ، وليس إنزال العقاب بهم ، وفرض الضرائب على فقرائهم ، لصالح الأغنياء ، وإعفاء الأغنياء من كل ضرائب ورسوم جمارك ، وتسهيل استيلائهم على أموال البنوك ، وعلى الأراضى بالمجان. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينصف الناس من نفسه ، ويعطى القود من نفسه ، وفعل ذلك أبو بكر وعمر. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
* * *
٢٢٠٤ ـ فى الإسلام : لكلّ درجات بحسب العمل
فى قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٩) (الأحقاف) ، وقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) (يوسف) : أن الناس درجات فى الحياة الدنيا ـ وحتى فى الآخرة ، وإنما ليس بالمال ، أو بالحسب والنسب ، وإنما بالأعمال ، كقوله : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (١١) (المجادلة) ، والإيمان والعلم من الأعمال ، ولكل إنسان مهما كان ـ مرتبته عند الله ، والقول بالمراتب والدرجات من أساسيات الإسلام ، والدنيا والجنة درجات ، والنار دركات.
* * *
٢٢٠٥ ـ القرآن ورجال السلطة والنظام
ينهى الله عن مجالسة رجال السلطة ورموز النظام ، لأنهم يعادون الإسلام ولا ينصرونه ولا ينتصرون للمسلمين ، وفيهم يقول تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ