ـ من جواثا بالمدينة ، ومنه جمعت أول صلاة جمعة. وكان المرتدون على قسمين ، فقسم نبذ الشريعة كلها وخرج عنها كما يطالب العلمانيون الآن ، وقسم نبذ وجوب الزكاة واعترف بوجوب غيرها ، وقالوا نصوم ونصلى ولا نزكّى ، فقاتلهم أبو بكر جميعا ، وبعث خالد بن الوليد إليهم بالجيوش على ما هو مشهور من أجنادهم ، وكانت عاقبة المرتدين استبدالهم من الله بمن يحبهم ويحبونه ، ويلتزمون بشريعته ويؤدون الزكاة على ما شرع ، والمقصود بهم مستقبلا أبو بكر وأصحابه ، ونعتهم بأن من أخلاقهم أن يرأفوا بالمؤمنين ويرحموهم ويلينوا لهم ، ويغلظوا على الكافرين ، ويجاهدوا فى سبيل الله بلا خوف من ملامة ، وهى صفات ألصق بأبى بكر وعمر وعثمان ، والأحرى أن الآية عامة فى كل من يجاهد الكفر إلى قيام الساعة.
* * *
٢١٩٠ ـ لم ترتد امرأة من المهاجرات بعد إسلامها
لما نزلت الآية : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) (١٠) (الممتحنة) هاجرت نساء كثيرات من مكة إلى المدينة ، وهربن من أزواجهن ، منهن : سبيعة بنت الحارث الأسلمية وكانت تحت صيفى بن الراهب ، وقيل مسافر المخزومى ؛ وأم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها ؛ وأميمة بنت بشر امرأة ثابت بن الشمراخ ، فتزوجها سهل بن حنيف.
ولم يعرف أن مسلمة ارتدت بعد إسلامها إلا ثلاث : أم الحكم بنت سفيان ، وكانت تحت عياض بن شداد فقيل إنها ارتدت ؛ وبروع بنت عقبة وكانت تحت شماس بن عثمان ؛ وعبدة بنت عبد العزّى بن نضلة ، وكانت تحت عمرو بن عبد ود ، وهؤلاء لم يكنّ مهاجرات ، ولكن كافرات ، ولم يعرف لهن إسلام ، وكل امرأة كافرة ظلت بمكة فلا يعتد بها زوجة لمسلم ، وقد طلق عمر امرأتين له بمكة مشركتين هما : قريبة بنت أبى أمية فتزوجها معاوية بن أبى سفيان وهما على شركهما بمكة ، وأم كلثوم بنت عمرو الخزاعية ، أم عبد الله بن المغيرة ، فتزوجها أبو جهم بن حذافة وهما على شركهما. فكما أن كل امرأة قيل إنها ارتدت لم تكن فى الحقيقة مسلمة ، ومنهن من كانت تضمر الإضرار بزوجها ، أو تلتمس الدنيا ، على عكس المهاجرات من مكة اللاتى أعلنّ إسلامهن وتقدّمن للامتحان وأثبتن أنهن إنما هاجرن حبا لله ولرسوله.
* * *