٢١٨٨ ـ أول دعاية انتخابية فى التاريخ
هى دعاية عمر بن الخطاب لأبى بكر ، فلما مات النبىّ وارتبك الناس من يختارون بعده خليفة ، اعتلى عمر المنبر ، وكان ذلك فى الغد من وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتشهّد وأبو بكر صامت لا يتكلم ، فقال : «كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى يدبرنا ـ يريد بذلك أن تكون وفاته صلىاللهعليهوسلم بعدهما : عمر وأبى بكر ، وقال : «فإن يك محمد صلىاللهعليهوسلم قد مات ، فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا ، به تهتدون بما هدى الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثانى اثنين ، فإنه أولى الناس بأموركم ، فقوموا فبايعوه» ـ فقاموا وبايعوه.
وكانت طائفة من الناس قد بايعوه قبل ذلك فى سقيفة بنى ساعدة ، وأما فى هذه البيعة ، فبايعه الناس عامة. وكانت خطبة عمر أول دعاية انتخابية فى التاريخ ، وجرت وقائعها فى التاسع من مايو سنة ٦٣٢ ميلادية ، أى منذ نحو ١٣٧٠ سنة!! ولم تكن الانتخابات معروفة فى أى مكان فى العالم فى ذلك الوقت!
* * *
٢١٨٩ ـ الردّة وأهلها والمرتد
الردّة الاسم من الارتداد ، والمرتد الذى حاد عن دينه ، وفى الآية : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢١٧) (البقرة) ، تحذير من المشركين أنهم سيدأبون على قتال المسلمين ليردّوهم عن دينهم إن كان بوسعهم ذلك ؛ والمرتد هو الذى يطاوعهم عليه فيبطل عمله ويحبط ويفسد فى الدنيا والآخرة ، والحبط أصلا نوع من الفساد يلحق المواشى فى بطونها من كثرة أكلها الكلأ ، فتنتفخ أجوافها وربما تموت من ذلك ، والآية إذن نوع من التهديد للمسلمين ليثبتوا على دين الإسلام ، وإلا فالمرتد بعد إيمان فإنه كافر ، إلا إن كان مكرها ، كقوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٦) (النحل) ، و «الكفر من بعد إيمان» فى الآية تاريخيا ، هو الذى كان من بعض المسلمين لما ارتدوا عن بيعة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وقيل كانوا أربعة ، هم : عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، ومقيس بن صبابة ، وعبد الله بن خطل ، وقيس بن الوليد بن المغيرة. وأما «الكفر عن إكراه» فهو الذى أباه عمّار بن ياسر ، وكانت قريش قد أخذوه وأباه ياسر ، وأمه سمية ، وصهيبا ، وبلالا ، وخبّابا ، وسالما ، فعذّبوهم ، وقتل ياسر وسمية فكانا أول قتيلين فى الإسلام ، وكانت قريش تغصبهم على أن ينطقوا كلمة الكفر ، فأبوا رغم العذاب ، إلّا