٢١٨٤ ـ دليل على أن أبا بكر هو الخليفة
فى قوله تعالى : (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (٤١) (التوبة) ، أن «ثانى اثنين» تدل على أن الخليفة بعد النبىّ صلىاللهعليهوسلم هو أبو بكر الصدّيق ، لأن الخليفة لا يكون أبدا إلا الرجل الثانى ، ليقوم بالأمر بعد وفاة النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، كقيام النبىّ صلىاللهعليهوسلم به أولا ، فلما مات النبىّ صلىاللهعليهوسلم ارتدّت العرب كلها ، ولم يبق الإسلام إلا بالمدينة ومكة ، فقام أبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ، ويقاتلهم على الدخول فى الدين كما فعل النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فاستحق من هذه الجهة أن يقال فى حقّه «ثانى اثنين» و «خليفة رسول الله».
* * *
٢١٨٥ ـ أبو بكر خليفة رسول الله وليس خليفة الله
خلقنا الله تعالى خلفا بعد خلف ، يقول : (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) (٣٩) (فاطر) ، والخلف هو التالى للمتقدّم ، فلما قيل لأبى بكر : يا خليفة الله ، قال : «لست بخليفة الله ، ولكنى خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا راض بذلك» ، وقياسا ، يكفى حديثا أن يسمى رئيس الدولة الإسلامية «خليفة» فقط ، أو أن يعطى أى اسم آخر ، كاسم رئيس الجمهورية ، أو الأمير ، أو الإمام ، أو حتى الملك ، بشرط العمل بمقتضى الشرع ، وفى إطار ثقافتنا وتاريخنا.
* * *
٢١٨٦ ـ آية الخلافة فى استخلاف الشعوب وليس الحكام
الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (٥٥) (النور) يفسّرها الحديث : «زويت لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها» ، فالمعنىّ فى الآية هو الأمة أو الشعوب الإسلامية ، والاستخلاف هو استخلاف للشعوب وليس لأفراد الحكام ، واستخلاف الشعوب هو أن يملّكوا البلاد وينفرد أهلها بحكمها. وهذا ما وعد به نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، وما يترسّمه نظام الخلافة أو نظام الحكم ، وما تنهض له الدعوة ، وما تطبّقه الشريعة ، وأثبتت الأيام أن كل ما وعد منها نفّذ بقدره وعلى حاله. والخلافة للخلفاء الأربعة تعنى أنها «خلافة النخبة» بمبايعة الشعب ، وأن يكون أساس الحكم الشورى ، فالمبدأ إذن فى الإسلام : أن الحاكم ينتخب من النخبة ، والآية عامة لأمة الإسلام غير مخصوصة بالخلفاء الأربعة فقط ، ومن الأصل المعلوم التمسّك بالعموم.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «الخلافة من بعدى ثلاثون سنة ثم تكون ملكا» ليس المقصود به أن يملّك على