إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَ) (الممتحنة) ، وفى رواية أحمد عن إحداهن قالت : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى نساء لنبايعه ، فأخذ علينا ما فى القرآن ، وقال : فما استطعتن وأطقتن. وفى رواية أخرى قالت : فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزنى ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه فى معروف ، قال : «ولا تغششن أزواجكن». وفى رواية أخرى بزيادة : «فيما استطعتن». وفى رواية أخرى قالت : ونهانا عن النياحة.
فهذه هى الصيغ القولية للبيعة الإسلامية ، وهى برنامج عمل تنصلح به المجتمعات فى السلم والحرب ، وتندرج تحتها صيغ فعلية فى كل مجالات النشاط الإنسانى : التعليمى والاقتصادى والاجتماعى والحربى ، وعلى مثل ذلك تكون المبايعة لرئيس الدولة هى مبايعة على السنّة ، ومن قبل الله تعالى ، وتخلو من العورات التى تحفل بها الدساتير والشرائع الوضعية. وواضح أن حق الانتخاب مكفول للنساء دون تمييز ، ومطلوبات المرأة فى المبايعة وإن كانت توافق مطلوبات الرجال ، إلا أن بها بعض الخصوصية التى تتعلق بطبيعة النساء ، كما أن مطلوبات الجميع فى السلم تتباين عن مطلوباتهم فى الحرب ، والبيعات الثلاث لذلك من أجلّ ما يمتدح به الإسلام ، وليس لهن نظير البتة فى اليهودية ولا فى النصرانية ، ورحم الله شوقى وهو يقول :
الدين يسر والخلافة بيعة |
|
والأمر شورى والحقوق قضاء |
فهذا هو الإسلام ، وهذا هو القرآن الذى تضمّن كل ذلك ودعا إليه! والحمد لله على نعمة الإسلام ونعمة القرآن!
* * *
١٧ ـ دليل على خلافة أبى بكر
الآية : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩) (النساء) دليل على خلافة أبى بكر ، وذلك أن الله تعالى لمّا ذكر مراتب أوليائه فى كتابه ، فبدأ بالأعلى منهم وهم النبيون ، ثم ثنّى بالصدّيقين ولم يجعل بينهما واسطة ، والمسلمون مجمعون على تسمية أبى بكر بالصدّيق ، كما أجمعوا على تسمية محمد صلىاللهعليهوسلم رسولا ، وإذا ثبت هذا وصحّ أنه الصدّيق ، وأن اسم الصدّيق ليس لأحد غيره فى الإسلام ، وأنه الثانى بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يجز أن يتقدم بعده أحد فى الخلافة ، وبذلك تصحّ خلافته للرسول صلىاللهعليهوسلم.
* * *