يرسّخ وطنية الحكم وشعبيته ، ويحارب الفقر والجهل ، ويضمن للناس فرص العمالة ، ويدعو إلى تشريع ضرائبى عادل يوازن توزيع الثروة القومية بين الشعب ، وأن يسهّل الحراك الاجتماعى ، ويقرّب بين الطبقات والدخول ، فلمثل هذا الرئيس تبايع الأمة.
ونحن كمسلمين علينا واجب الانتخاب ، وفى الحديث : «ما من مسلم إلا ولله عزوجل فى عنقه بيعة» ، وللرئيس المرشّح أن «يشترط لنفسه» ، يعنى أن يكون له «برنامج انتخابى» ، فعن عبد الله بن رواحة أنه قال للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة : اشترط لربّك ولنفسك ما شئت» ، يعنى أنه حرّ أن يقنن للبيعة بما يرى ، فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «اشترط لربىّ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. واشترط لنفسى أن تمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم» ، يعنى أن برنامج الرسول صلىاللهعليهوسلم كان الإقرار بوحدانية الله ، وبما يفرضه هذا الإقرار من التزامات معينة ، والأخذ بتشريعات محددة ، وأن يكفل الناس للدعوة والدعاة الأمن والأمان. وسألوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم : فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ ـ يعنى ما هو المقابل الذى سيعود علينا؟ فقال : «الجنة» ، يعنى رضا الله فى الدنيا والآخرة ، ولهم فيهما ثوابهما. فقالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل. ـ يعنى نعم العوض ، ويلزمنا هذا العهد لا نتحلل منه ولا نتهاون بشأنه ، ونزلت الآية : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ) (١١١) (التوبة) ، والآية (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (١٠) (الفتح). والبيعة المشار إليها هى بيعة الرضوان ، وكانت تحت شجرة سمرة بالحديبية ، والذين بايعوه صلىاللهعليهوسلم ألف وأربعمائة من الصحابة ، فنزلت الآية : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (١٨) (الفتح).
وللبيعة صيغة قولية ، وهى البيعة على السمع والطاعة فيما يستطيعون ، وعلى الهجرة ، وعلى الجهاد ، وعلى الصبر وعدم الفرار ولو وقع الموت ، وعلى بيعة النساء على الإسلام.
ويبدو أن البيعات فى الإسلام كانت ثلاثا ، فالأولى : «بيعة العقبة أو الرضوان» ، وتسمى «بيعة الأنصار» ، وكانت قبل الهجرة إلى المدينة ، وبايعوا على السمع والطاعة فى العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وعلى أن يقولوا الحق ولا يخافون فى الله لومة لائم ، وعلى أن يمنعوه إذا قدم عليهم يثرب ، فيمنعونه مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم ، فهذه بيعة الأنصار له ؛ والبيعة الثانية : هى «بيعة الحرب» ، وكانت بعد فرض الحرب على المسلمين بعد الهجرة ، وبايعوه على الإسلام والجهاد ، وعلى عدم الفرار والموت ، ومن ذلك كانت الأنصار تقول يوم الخندق.
نحن الذين بايعوا محمدا |
|
على الجهاد ما حيينا أبدا |
والبيعة الثالثة : هى «بيعة النساء» ، وكانت بعد فتح مكة ، بعد أن نزلت الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ