بعده ؛ أو أن يعهد الرئيس إلى جماعة لينتخبوا من بينهم أفضلهم للرئاسة كما
فعل عمر.
وبناء عليه
فالاستخلاف جائز فى الإسلام ، وينعقد بعقد الصفوة ، أهل الحل والعقد ، لواحد لا
يستخلف غيره ، أو ينعقد بجعل الأمر شورى بين عدد محصور أو غير محصور ، وفى كل
الأحوال يجب تنصيب رئيس للبلد ، فذلك واجب شرعا وعقلا ، لمن يستحق عقد الرئاسة له.
* * *
٢١٨٢ ـ الشورى من أسس
الإسلام السياسى
الاستشارة
مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة ، وشورتها ؛ إذا أحطت بها علما عن تجربة ، كأن
أجريها لأعلم كيف تجرى وسرعتها إلخ ، والمسافة التى تقطعها يقال لها مشوارا.
والشورى من
قواعد الشريعة ، كقوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى
بَيْنَهُمْ) (٣٨) (الشورى) ، وقوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ) (١٥٩) (آل عمران) ، وفى الخبر. ما تشاور قوم قط إلّا هدوا لأرشد أمورهم ،
ويقال :
إذا بلغ
الرأى المشورة فاستعن
|
|
برأى لبيب أو
مشورة حازم
|
ولا تجعل
الشورى عليك غضاضة
|
|
فإن الخوافى
قوّة للقوادم
|
والمشاورة تكون
من كل أمور الدنيا وأخصّها السياسة ، والنبىّ صلىاللهعليهوسلم كان يستشير ، وكذلك الصحابة من بعده ، وتشاوروا فى نظام
الخلافة ، وفى الردّة ، وفى الميراث ، والحدود ، وفى الحرب والسلام. وما أخطأ امرئ
قط إذا حزبه أمر فشاور فيه ذوى الرأى وفعل الذى يرون ، فإن أصاب فهم المصيبون ،
وإن أخطأ فهم المخطئون. والمشورة بركة ، واصطلاح الشورى أكبر وأعمق من اصطلاح
الديموقراطية ، والديموقراطية أو حكم الشعب يقوم على الشورى ظاهرا ، وتطبيقا فإن
مجالس الشعب هى مجالس أصحاب المصلحة الواحدة. وفى التاريخ الإسلامى كان أهل الحلّ
والعقد المرجعية فى الشورى ، بينما فى المجالس النيابية المرجعية للحزب الذى يمثّل
أصحاب المصلحة ، فبئست شورى الديموقراطية! وفى الحديث : «إذا كان أمراؤكم خياركم ،
وأغنياؤكم سمحاؤكم ، وأمركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كان
أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاءكم ، وأموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من
ظهرها». وحتى فى الزواج فإن البكر تستأمر ، يعنى تستشار ، والمشورة حقّ فى الطلاق
: (فَإِنْ أَرادا
فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ) (٢٣٣) (البقرة). وفى كل الأمم فإنهم إذا لم يتشاوروا شقّ عليهم ، كقول ملكة
سبأ : (يا أَيُّهَا
الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) (٣٢) (النمل).