قائمة الکتاب
إعدادات
موسوعة القرآن العظيم [ ج ٢ ]
موسوعة القرآن العظيم [ ج ٢ ]
تحمیل
بعده ؛ أو أن يعهد الرئيس إلى جماعة لينتخبوا من بينهم أفضلهم للرئاسة كما فعل عمر.
وبناء عليه فالاستخلاف جائز فى الإسلام ، وينعقد بعقد الصفوة ، أهل الحل والعقد ، لواحد لا يستخلف غيره ، أو ينعقد بجعل الأمر شورى بين عدد محصور أو غير محصور ، وفى كل الأحوال يجب تنصيب رئيس للبلد ، فذلك واجب شرعا وعقلا ، لمن يستحق عقد الرئاسة له.
* * *
٢١٨٢ ـ الشورى من أسس الإسلام السياسى
الاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة ، وشورتها ؛ إذا أحطت بها علما عن تجربة ، كأن أجريها لأعلم كيف تجرى وسرعتها إلخ ، والمسافة التى تقطعها يقال لها مشوارا.
والشورى من قواعد الشريعة ، كقوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) (٣٨) (الشورى) ، وقوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (١٥٩) (آل عمران) ، وفى الخبر. ما تشاور قوم قط إلّا هدوا لأرشد أمورهم ، ويقال :
إذا بلغ الرأى المشورة فاستعن |
|
برأى لبيب أو مشورة حازم |
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة |
|
فإن الخوافى قوّة للقوادم |
والمشاورة تكون من كل أمور الدنيا وأخصّها السياسة ، والنبىّ صلىاللهعليهوسلم كان يستشير ، وكذلك الصحابة من بعده ، وتشاوروا فى نظام الخلافة ، وفى الردّة ، وفى الميراث ، والحدود ، وفى الحرب والسلام. وما أخطأ امرئ قط إذا حزبه أمر فشاور فيه ذوى الرأى وفعل الذى يرون ، فإن أصاب فهم المصيبون ، وإن أخطأ فهم المخطئون. والمشورة بركة ، واصطلاح الشورى أكبر وأعمق من اصطلاح الديموقراطية ، والديموقراطية أو حكم الشعب يقوم على الشورى ظاهرا ، وتطبيقا فإن مجالس الشعب هى مجالس أصحاب المصلحة الواحدة. وفى التاريخ الإسلامى كان أهل الحلّ والعقد المرجعية فى الشورى ، بينما فى المجالس النيابية المرجعية للحزب الذى يمثّل أصحاب المصلحة ، فبئست شورى الديموقراطية! وفى الحديث : «إذا كان أمراؤكم خياركم ، وأغنياؤكم سمحاؤكم ، وأمركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كان أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاءكم ، وأموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها». وحتى فى الزواج فإن البكر تستأمر ، يعنى تستشار ، والمشورة حقّ فى الطلاق : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ) (٢٣٣) (البقرة). وفى كل الأمم فإنهم إذا لم يتشاوروا شقّ عليهم ، كقول ملكة سبأ : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) (٣٢) (النمل).