أهل الشورى القادرون على التمييز فعلا بين المرشحين للخلافة ، وفى الثانية يكلّف هؤلاء باختيار الأصلح من بين أصحاب الأسماء المعروضة ، ومن شروط الترشيح بالإضافة إلى ما سبق : أن يكون المرشح ذكرا ، لأن المرأة تقصر جهودها دون الوفاء بمتطلبات أعباء المهنة وخاصة فى الحرب ، إلا أنها يمكن أن تنتخب ، وليس من بين آيات القرآن ما يمنع أن تكون المرأة خليفة ، وخاصة أن ملكة سبأ أظهرت من الحنكة والدراية ما يفوق ما يتمتع به الرجال منهما. ويجوز للمرأة فى الإسلام أن تؤم النساء دون الرجال ، وهناك الحديث الذى يمنع صراحة رئاسة المرأة للرجال ـ وإن كان حديثا ضعيفا. وقد ثبت أنه لا إجماع على بطلان خلافة المرأة ، فبنجلادش حكمتها امرأة ، وتركيا ، وإندونيسيا ، وباكستان. ومن شروط الخليفة اكتمال العقل ، وأن لا يشكو عاهة ، وأن يكون مسلما ، وفى بلد كمصر هناك أقلية نصرانية ، ومن غير المعقول أن يختار خليفة من بينهم وليس من الأغلبية ، كما أن النصرانى لا يصلح خليفة لبلد توجهاته إسلامية. والخليفة المرتقب من أهم صفاته المعنوية : حبّه للعدل بالمعنى المطلق ، أو بالمعنى الاجتماعى ، وأن يشتهر عنه العزوف عن الجور ، وأن يتصف بالحكمة وبعد النظر والميل إلى الإنصاف ، وأن يكون وطنيا صادقا فى وطنيته ، شجاعا غير هيّاب ، كيّسا فطنا أريبا. ويتم ترشيحه للمنصب من قبل جماعة ، ويكون انتخابه بالأغلبية ، ثم تكون البيعة له من قبل أهل الحلّ والعقد. وفى الخلافة الصحيحة تقوم سلطة الخليفة على صحة عقد الوكالة من الأمة له ، بأغلبية الأصوات ، وبموافقة أهل الحلّ والعقد ، وهم نوّاب الشعب الذين يضعون للخلافة شروطها فى كل حين ، ويؤكدون على بعضها بحسب حاجات الوقت ، فإذا رأى هؤلاء أن من بين المنتخبين من قد لا يوافقه شرط ، فيلزم حينئذ أن يعرضوا عليه شرطهم أولا ليروا رأيه فيه ، فإن لم يوافق أسقطوه من الاختيار وعهدوا بذلك إلى التالى عليه فى الحصول على الأصوات المؤيدة. وإذا تساوى عندهم اثنان من المرشحين فى عدد الأصوات ، وفى توافق الصفات طبقا للشروط ، فقد يأتى اختيارهم للأنسب بحسب حاجات الوقت ، فإن كانت البلد فى وقت حرب اختير الأشجع ، أو فى وقت كثر فيه الجدل فى مختلف الموضوعات فقد يكون الأنسب للاختيار هو الأعلم. وفى كل الأحوال فإن الدافع للاختيار هو الصالح العام ، وإذا كان الدستور يشترط تعيين نائب للخليفة ، وهذا ضرورى ، فإن من الأصلح أن يكون انتخاب النائب مترافقا مع انتخاب الخليفة ، ولمّا كان هذا النائب يمكن أن يئول إليه الحكم فى حالة مرض أو وفاة الخليفة ، فإن شروط اختياره يجب أن تكون بنفس القدر من الدقة التى لشروط اختيار الخليفة ، مع التنبيه إلى أن نظام الوراثة للخلافة باطل شرعا بطلانا تاما ، وأن الخلافة لمدة أربع أو خمس أو ست سنوات لا غير ، ثم يعاد النظر فى الخليفة ،