على عربىّ ، ولا لأسود على أحمر ، ولا لأحمر على أسود ، إلا بالتقوى. ألا هل بلّغت»؟ قالوا : نعم. قال : «ليبلّغ الشاهد الغائب» ، يبلّغه قديما وحديثا : قيل وفى هذا الإعلان ورد : «إن الله لا ينظر إلى أحسابكم ، ولا إلى أنسابكم ، ولا إلى أجسامكم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ، فمن كان له قلب صالح تحنّن الله عليه. وإنما أنتم بنو آدم وأحبّكم إليه أتقاكم».
ويلخص ذلك علىّ بن أبى طالب ، ويجمع مذهب وفلسفة القرآن أو الإسلام فى اللاعنصرية ، شعرا ، فيقول :
الناس من وجهة التمثيل أكفاء |
|
أبوهم آدم والأم حواء |
نفس كنفس وأرواح مشاكلة |
|
وأعظم خلقت فيهم وأعضاء |
فإن يكن لهم من أصلهم حسب |
|
يفاخرون به فالطين والماء |
ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم |
|
على الهدى لمن استهدى أدلّاء |
وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه |
|
وللرجال على الأفعال سيماء |
وضدّ كلّ امرئ ما كان يجهله |
|
والجاهلون لأهل العلم أعداء |
وبعد ، فهذه هى ثقافة القرآن اللاعنصرية ، أفترون لها مثيلا فى الثقافات اليهودية أو النصرانية ، أو فى ثقافة العولمة ، وثقافة التنويريين والعلمانيين والملحدين ، وثقافة أوروبا وأمريكا؟ فالحمد لله على القرآن والإسلام.
* * *
٢١٨٠ ـ الخليفة ونظرية الخلافة فى القرآن
الآية : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٣٠) (البقرة) أصل القول بوجوب قيام الحكومة الإسلامية ، وأن يكون على رأسها خليفة ، وهو فى اللغة من يقوم مقام آخر ، وفى الفقه الإسلامى هو رئيس الدولة الذى له سلطات الفصل فى المنازعات ، ومراعاة التوازن بين الطبقات ، ومحاربة الفساد ، ومقاومة الظلم ، وإقامة العدل ، وحفظ الأمن والحدود ، وإشاعة السلام ، وإتاحة التعليم للجميع ، والتقريب بين الناس فى الدخول ، ومنع الاستقلال والاحتكار ، وحفظ وحدة الدولة ، وإنشاء المستشفيات والمدارس ودور الأيتام إلخ ، والمساكن لمحدودى الدخل ، وهو أمر لا يستطيعه واحد بمفرده ، وإنما تؤلّف له حكومة هى حكومة الخلافة ، والمعنىّ بالخلافة فى الآية هو آدم ، أو البشر من أولاده وذريته ، تصير لهم الخلافة من الله فى الأرض ، ومهمتهم فيها : ١ ـ الإعمار ، كقوله : (أَنْشَأَكُمْ مِنَ