الباب الثامن عشر
المعاملات
* * *
أولا : الإسلام السياسى
* * *
القرآن والسياسة
٢١٦٨ ـ الأساس الموضوعى للدولة الإسلامية
الآية : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء ٥٨) ، من أمهات الأحكام ، وتتضمن جميع الدين والشرع ، والخطاب فيها لحكّام المسلمين خاصة ، ولمن يدرّسون القانون فى الجامعات ، والآية وإن كانت لها أسباب النزول ، إلا أنها عامة فى جميع الناس ، فهى تتناول مختلف الولاة فيما لديهم من الأمانات فى الحكم ، وفى القضاء ، وفى تعاملات الشرطة ، وتحقيقات النيابات ، وعلاجات المرضى ، والتدريس لطلاب العلم ، والتربية للأولاد ، وتأدية الوظائف ، والتعاملات العائلية بين الأزواج والأبناء والآباء ، وعلاقة الدولة بالمواطنين ، وعلاقات الدول ببعضها البعض إلخ ، فكل شئون الناس ودائع فى أيدى المتصرّفين ، وكذلك الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والإفتاء ، كل ذلك أمانات. والأمانة تكون فى كل شىء ، وتردّ إلى أصحابها ، سواء الأبرار أو الفجّار ، فالآية شاملة لكل أمانة ، وفى الحديث : «عهد الله أحق ما أدّى» ، والمسئولية فى الحكم من نصيب الجميع ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» ، فالأب والأم ، والمرأة والرجل ، والحاكم والمحكوم ، والناس جميعا رعاة وحكّام على مراتبهم ، والحكم من أكبر الأمانات.
* * *
٢١٦٩ ـ الإسلام ضد الترف والبذخ
يأتى عن الترف فى القرآن ثمانى مرات ، وفيها جميعا تدين الآيات المترفين وتسفههم ، وتحطّ من شأن الترف. والترف هو التنعّم المبطر المفسد المطغى ، يقال : أترفه المال يعنى أبطره وأفسده وأطغاه ؛ وأترف الرجل ، أى أصرّ على البغى ؛ واستترف : بغى وطغى وتغطرس ؛ والمترف : المتنعّم ، يصنع ما يشاء ولا يمنع ، وهو الجبّار. يقول تعالى : (وَإِذا