مستحب أيضا ؛ والخامسة : أن يملأ ثلث بطنه كما في الحديث ، وهذا جائز ؛ والسادسة : أن يزيد الشبع على ذلك ، وبه يثقل البدن ويكثر النوم ـ وهذا مكروه ؛ والسابعة : أن يزيد الشبع حتى يتضرر وهو ما يسمى البطنة ، وهذه منهىّ عنها وحرام.
* * *
٢٠٧٨ ـ لما ذا يقال طعام المسلم يكفى الاثنين؟
في الحديث عن أبي هريرة أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «طعام الاثنين يكفي الثلاثة ، وطعام الثلاثة يكفى الأربعة» ، والمعنى أن الطعام الذي يشبع الواحد يكفي قوت الاثنين ، وأن قوت الاثنين يشبع الأربعة. والمراد المواساة ، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما ، وإدخال رابع أيضا بحسب من يحضر. والحديث عند ابن ماجة : «طعام الواحد يكفى الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة ، وطعام الأربعة يكفي الخمسة والستة». وفي قصة أضياف أبي بكر قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس» ويشرح ذلك الحديث : «كلوا جميعا ولا تفرّقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين» ، بمعنى أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع ، وأن الجمع كلما كثر ازدادت البركة ، وهذا هو ما يميز الإسلام كفلسفة ، فهو يختلف عن سائر الأديان والمذاهب التي تحض على الفردية وتنمّيها وترسّخها. والإسلام دين «جماعى» ـ أو أنه ـ لمن لا يؤمن به دينا ـ مذهب فلسفي وإيديولوجية تطبيقية «جماعية». وهذه الأحاديث للرسول صلىاللهعليهوسلم تحضّ على الاجتماع على الطعام ، وتستحب من المسلمين أن لا يأكل كلّ منهم وحده ، ولا يساكن نفسه ويعتزل الناس ، ولا يعمل بمعزل عن الآخرين ، ويحفل القرآن بالآيات التي تحض على «الجماعية» ، كقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) ، والدعاء فيها من الجماعة ولصالح الجماعة. ويسمى المسلمون ذلك «مواساة» ، فإذا تحققت المواساة حصلت معها البركة الموعودة التي قال الله تعالى فيها : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف ٩٦) ، فتتنزّل البركات وتعمّ الحاضرين. ومن دروس هذه الأحاديث : أن المرء لا ينبغى أن يستحقر ما عنده فيمتنع من تقديمه ، فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء ، ولو بسدّ الرمق ، وإقامة البنية ، وليس حقيقة الشبع. و «المواساة» و «البركة» من المصطلح الإسلامى المتفرّد.
* * *
٢٠٧٩ ـ هل يفرق الإسلام بين الأعمى والبصير على الطعام؟
في القرآن لا ينجس بالمرض أو العمى أو العرج ، وعلى عكس ذلك في اليهودية والنصرانية ، ففي سفر الأحبار ، الفصل الثالث عشر ، يعدّ المرض نجسا (العبارة ٤٥ مثلا) ،