منسبتة ، ثم تيبس فتصير تمرا. وكما ترى فإن لكل حالة اسما ، وكثرة الأسماء بحسب الأحوال من دلائل عبقرية اللغة ، وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يحب الرطب ، ولا يرى أن البيت تكتمل له الأسباب إلا لو كان به التمر ، وكان يحب الرطب بالقثّاء ، وقال فى النخلة : «من الشجر شجرة تكون مثل المسلم ، وهي النخلة» ، وفي القرآن عن مريم لمّا ولدت عيسى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) (٢٥) (مريم) ، وفى الرواية أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به» ، وقال : «ليس للنفساء مثل الرطب ، ولا للمريض مثل العسل» ، وقال : «أطعموا نفساءكم الولد ، الرّطب ، فإن لم يكن رطب فثمر ، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم» ، وفى حديث عائشة : توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد شبعنا من الأسودين : «التمر والماء» ، فكأن أغلب طعامه صلىاللهعليهوسلم كان هذين ، وقرنت التمر بالماء لمضرة شرب الماء صرفا بدون أكل ، ولا يستمتع بالتمر إلا بالماء. وكان صلىاللهعليهوسلم ينصح بتعاطى سبع تمرات فى الصباح لما فى التمر من فوائد صحية بالغة وقيمة غذائية عظيمة.
* * *
٢٠٧٥ ـ طعام أهل الكتاب حلّ للمسلمين
أهل الكتاب : هم اليهود والنصارى ، والطعام : اسم لما يؤكل ، والذبائح منه ، وفي الآية : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (المائدة ٥) إخبار بأن جميع ما يأكله أهل الكتاب حلّ ، إلا ما حرّمه الله على المسلمين كلحم الخنزير والميتة والدم ، وما لم يذكر اسم الله عليه ، لقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) (الأنعام ١٢١) ، وتحليل الأكل من ذبيحة النصارى واليهود باعتبار أنهم يذكرون اسم الله عند الذبح ، فإن كانوا ممن لا يذكرون اسم الله كما هو الحال الآن ، فالأكل من ذبائحهم فسق ، إلا الفاكهة والأسماك فجائز أكلها ، فأما ما كان صنعه لا تعلّق فيه بالدّين ، كخبز الدقيق ، وعصر الزيت ونحو ذلك فهذا جائز أكله ، وأمّا ما تدخل فيه التزكية التي تحتاج إلى الدّين والنيّة ، فما لم يذبح ويذكر عليه اسم الله فأكله حرام. ويحلّ للمسلم من ذبائح أهل الكتاب ما يحل لهم منها ، فاليهود لا يأكلون الطريف من الحيوان ، وهو الرئتان إن كانتا مصابتين بمرض كالدرن وغيره ، ولا يطعمون الشحوم المحضة من الذبائح. ولا بأس بأكل طعام الهندوس والصينيين واليابانيين والملاحدة ما لم يكن من ذبائحهم ويحتاج إلى ذكاة ، وجبنهم حرام أكله لما فيه من أنفحة الميتة.
* * *