ولا يؤكل أى حيوان بحري إلا صنف السمك ، فالتمساح لا يؤكل لحمه ، وكذلك القرش والدلفين ، وكل ما له ناب ، لنهيه صلىاللهعليهوسلم عن أكل ذي ناب. والسمك هو الذي له قشر ، وما في جوفه من بيض وخلافه ، حلال مثله. ولا يؤكل السمك الطافي لأنه ميت ، وفي التنزيل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (المائدة ٣) ، وفى الحديث : «كلوا ما حسر عنه البحر ، وما ألقاه ؛ وما وجدتموه ميتا أو طافيا فوق الماء فلا تأكلوه» أخرجه الدارقطنى ، وأما الحديث الآخر فى البحر : «هو الطهور ماؤه الحلّ ميّته» أخرجه البخارى ، وميته هو السمك إذا أخرج حيا ثم مات بعد ذلك ، فطالما أنه أخرج حيا فهو حلال إذا مات من بعد ، والفيصل فى تحليل أو تحريم السمك طافيا أو ميتا هو فساده من عدمه ، فإن كان طيّبا لم يتغير فهو مباح. ولمّا اصطاد موسى وفتاه السمكة لغذائهما ، كانت حية وليست ميتة ، وذلك دليل على أن أكل السمك المقصود به الذى صيد حيا ، قال تعالى : (نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (٦١) (الكهف). والذي يتخذ له طريقا إلي البحر لا بد أنه سمك حيي. وما صاده يهودي أو نصراني فهو حلال ، وفى الحديث : «كلوا رزقا أخرجه الله». والجمبري لا يحلله اليهود ، وهو حلال عند المسلمين ، وكذلك سلاحف الماء ، وسمك الثعبان مع أنه لا قشر له ، وكذلك لحم الحيتان. والضفدع حرام.
* * *
٢٠٥٤ ـ صيد المؤمنين مع الإحرام والحرم
كان الصيد أحد معايش العرب وشائعا بينهم ، فابتلاهم الله فيه مع الإحرام والحرم كما ابتلى بنى إسرائيل في ألا يعتدوا يوم السبت ، وأنزل الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٩٤) (المائدة) بيانا لأحكام أحوالهم ومحظورات حجّهم وعمرتهم.
* * *
٢٠٥٥ ـ كل لذيذ من مطعم ومشرب مباح طالما هو حلال
المباح من الشهوات واللذات هو الذي حلّله الله كقوله : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (المائدة ٨٧) ، ونظيره قوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف ٣٢). وقوله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) (المائدة ٩٣) ، وفى هذه الآيات أن المسلم لا يطعم إلا المباح ، وله أن ينتفع بكل لذيذ من مطعم ومشرب ومنكح وإن بولغ فيه وتنوهى في ثمنه طالما هو حلال ، ومع التقوى والإيمان وإتيان الصالحات يكون اجتناب ما حرّم الله.
* * *