قيشون ، وذبحهم هناك! وقيل : لما فعل ذلك نزل المطر ، فشرب الناس وسقوا بهائمهم والزروع وانتهت المجاعة. وتوعدته إيزابيل ، وطاردته فلول أتباعها ، فهرب إلى بئر سبع ، والتمس من الله الموت يأسا وزهدا ، واضطجع ونام ، فجاءته الملائكة فى الرؤيا ، واستيقظ ليأكل طعامهم ، فتقوّى ، وسار أربعين يوما بلا طعام ، اعتمادا على هذه الأكلة ، يقصد إلى جبل حوريب ، وصعد الجبل يشكو إلى ربّه ظلم شعب إسرائيل ، ونكثهم للعهد ، وتقويضهم لمذابح الربّ ، وقتلهم أنبياءه بالسيف حتى لم يعد منهم أحد سواه ، وسعيهم خلفه يطلبون نفسه وقد بقى وحده ، وعندئذ كانت ريح عظيمة وزلزلة شديدة وكلّمه الله ، فارتحل تبعا لما أمره ، ليمسح حزائيل ملكا على أرام ، ويا هو ملكا على إسرائيل ، فيكون أن من يفلت من سيف حزائيل يلقى سيف يا هو ، والتقى بالنبىّ اليسع فتبعه. وكان أن إيليا ضرب نهر الأردن بردائه فانفلق الماء وجاز النبيان ، ثم جاءت مركبة نارية ، وخيل نارية ، فصلت بينهما ، وصعد إيليا فى العاصفة نحو السماء ، واليسع ينظر ويصرخ ، وحلّت به روح إيليا ـ وكانت لإيليا معجزات أكثر مما للمسيح! والسؤال : فلما ذا لم يعبد اليهود إذن إيليا كما عبد النصارى المسيح؟ وكلاهما : اليهود والنصارى يقولان بالرفع ـ بدعوى أن الله رفع إيليا المسمى إدريس فى زعم البعض ، ورفع المسيح المسمى عيسى ، ويقول اليهود إن إيليا سيعود ، ويقول النصارى المسيح سيعود. وتلك إذن قصة إيليا فى التوراة ، التى أوجزها القرآن فى إعجاز ، وقيل : إن القرآن أطلق عليه الاسم العربى إلياس ، ثم سمّاه فى فخار شأن العظماء من الأنبياء «إلياسين» ، قال : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (١٣٠) (الصافات) ، ومن ذلك قراءة البعض لاسم إدريس النبىّ «بإدرسين ، وإدراسين» على أنها لغات فى إلياس وإدريس. وقرئ الاسم «إل ياسين» : «آل ياسين» ، والآل هم الأهل ، وهم أهل دينه ومن كان معه على مذهبه. ومن قرأ (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) ، جمع جمع التسليم على أنه وأهل بيته سلّم الله عليهم. وقيل إن (إِلْ ياسِينَ) جمع إلياس ، وسلامه على آل ياسين يعنى على كل رجل فيهم ، أو أنه جمع إلياسى نسبة إلى ياسين وحذفت ياء النسبة. وقرئ أيضا سلام على ياسين بإسقاط الألف واللام. وقيل إن قراءة إلياس الياسين مثل قوله تعالى فى موضع «طور سيناء» ، وفى موضع آخر (طُورِ سِينِينَ). وقيل آل ياسين هم آل محمد ، وياسين هو اسم لمحمد ، وهو قول غريب يخرج المعنى عن مضمون الآية! ثم إن (يس) و (حم) و (الم) ونحو ذلك ، القول فيها واحد ، وهى أنها حروف مقطّعة مأخوذة من أسماء الله ، أو من صفات القرآن ، أو أن فى كل كتاب سرّ ، وسرّه فى القرآن فواتح السور. ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لى خمسة أسماء ولم يذكر فيها (يس) ،