أحيني ما كانت الحياة خيرا لى ، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لى» أخرجه مسلم. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا يتمنى أحدكم الموت ، ولا يدع به من قبل أن يأتيه ، فإنه إذا مات أحدكم انقطع عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا» أخرجه مسلم. وكان دعاء يوسف : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١٠١) (يوسف) ، وقوله : «من الملك» للتبعيض ، لأنه كان الوزير الأول فى بلاط الفرعون ولم يكن الفرعون ، فبعض السلطات كانت ليوسف دون أغلبها ؛ وقوله : «تأويل الأحاديث» هو علم تعبير الرؤيا ، أو علم تفسير الأحلام ، وهو بعض العلم وليس كل العلم ؛ وقوله : «فاطر السموات والأرض» يردّ بها الكون كله إلى الله ، ويوحّده ، فهو منشؤه ومخترعه على الإطلاق من غير مثال سابق ؛ وقوله : «وليّى» أى ناصرى ومتولّى أمورى دنيا وآخرة ؛ وقوله : «الصالحين» هم آباؤه الثلاثة : إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب. وتوفاه الله فى أرض جاسان (محافظة الشرقية) حيث كان يحكم فدفن بها ، تقول التوراة : إنهم حنّطوه وجعلوه فى تابوت. ويقول اليهود إن يوسف أوصى إخوته أن ينقلوا عظامه إلى فلسطين ، وعند ما خرج موسى من مصر نقل رفاته معه (تكوين ٥٠ / ٢٥). وقيل : دفنت موميته نهائيا بالقرب من شكيم (خروج ١٣ / ١٩) بجانب بئر يعقوب. وقيل : نقلت جثته بعد ذلك إلى الخليل فى مقبرة إبراهيم. وهذا كلام فارغ ، أولا : لأن موسى خرج بسرعة من مصر ولم يتهيأ لإخراج الجثة معه ؛ وثانيا : لأنه ما كانت هناك فرصة لدفنه فى شكيم فى عهد موسى فموسى لم يدخل شكيم ، وإنما هو التحريف والتأليف والتزوير فى التاريخ ، والتعصب ، وكأنما جثة يوسف وعودتها إلى أرض فلسطين رمز لعودة اليهود إلى فلسطين ، يذكّرون الأجيال بذلك حتى لا ينسوا ، ويستنّون لهم سنّة ، هى ضرورة أن يوارى جسد كل يهودى تراب فلسطين ؛ فإذا كان ذلك هو الشأن مع الموتى ، فما ذا عن الأحياء!!
* * *
٨٠١. قصة امرأة العزيز ويوسف
فى هذه القصة الكثير من اللبس ، فينبغى التزام نصّ سورة يوسف ومراجعة القصة على سفر التكوين من التوراة ، الفصل التاسع والثلاثين. والقصة تبدأ فى القرآن بانتشال يوسف من البئر الذى ألقاه به إخوته ، ولم يكن يوسف طفلا وقتها ، وإنما كان شابا فى السابعة عشرة من عمره بحسب الرواية اليهودية ، وذلك سن معقول جدا ويناسب الأحداث ، والذين انتشلوه كانوا إسماعيليين ـ أى من نسل إسماعيل ـ من أهل مدين ، وأسرّوه بضاعة ضمن ما لديهم من بضائع نزلوا بها مصر ، إلى أن باعوه لعزيز مصر.