عشرة ، الذى كان من الصابرين ، وأسلم رقبته لأبيه ، وسمح له أن يكبّه على وجهه ، فهذا الذى يستحق التنويه به ، ومن ثم «وعليه» فى الآية تعود على إسماعيل ، وأما إبراهيم فقال فيه : «سلام على إبراهيم» أى سلام من الله عليه ، وهو دعاء له ، وكذلك قوله تعالى : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) (١١٣) (الصافات) ، وفى الآية لا يمكن أن تعنى «عليه» إبراهيم ، ولو كان صحيحا لما قال «ومن ذريتهما» ، لأن الذرية المقصودة لإسحاق ولإسماعيل وليست لإسحاق ولإبراهيم! فإسماعيل قرين وند لإسحاق وليس إبراهيم! فعلمنا أن آيات الذبيح قبلها المقصود بها إسماعيل وليس إسحق.
* * *
٧٧٥. الأحاديث فى الكتب عن الذبيح إسحاق
قيل : من الذين ذهبوا إلى أن الذبيح هو إسحاق : العباس ، وابنه عبد الله ، وعبد الله بن عمر ، وابن مسعود ، وجابر ، وعلىّ بن أبى طالب ، وكل ذلك مزاعم لا تثبت للمناقشة وليست لها مراجع ثابتة ، ويكفى أن من هؤلاء كعب الأحبار مروّج الإسرائيليات ، ولا يوجد دليل واحد من القرآن على ما يقولون. والغريب فى أمر هؤلاء أنهم زعموا أن إبراهيم قدم بابنه إسحاق من الشام فى شهر ، ليذبح ابنه فى منى ، وبعد ذلك عاد فى شهر! وفى دراساتنا للكذب تعلمنا أن الواقعة الصحيحة تكون بسيطة جدا ، والواقعة الملفقة يكثر فيها التلفيق ، وتحتاج الكذبة إلى كذبة أخرى تدعمها وهكذا. مثلا أن يقال إن المسيح ابن الله احتاج الأمر أن يقال بالتثليث ، والأب والابن وروح القدس ، ولكلّ تعريف يحتاج إلى كتب ، وذلك أكبر دليل على أن هذا القول فرية وأى فرية! وكذلك الزعم أن إسحاق هو الذبيح يحتاج إلى الكثير من الكذب لدعمه.
* * *
قصة إسحق
٧٧٦. إسحاق آية من آياته تعالى
ولدت سارة من زوجها إبراهيم : إسحاق ، وكانت وزوجها طاعنين فى السن ، فلما جاءتهما رسل الله بالبشرى ، ضحكت سارة ، كقوله تعالى : (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) (٧١) (هود) ، والضحك انكشاف الأسنان ، وإشراق الوجه ، وفى الحديث : «إن الله سبحانه يبعث السحاب فيضحك أحسن الضحك» ، فجعل انجلاءه عن البرق ضحكا ، وهذا كلام مستعار ، فكذلك ضحكت سارة ، أى كانت مرحبة بضيوف زوجها