السورة من الآية ٣٢ حتى الآية ٤١ ، كالآتى : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٤١) (القلم) ، كمثل لأهل مكة مضمونه : أنه تعالى ابتلاهم كما ابتلى أصحاب الجنة ، بالأموال والثمار ، ليشكروا لا ليبطروا ، فلما بطر أهل مكة نعمة الله عليهم ، ابتلاهم بالجوع والقحط كما ابتلى أصحاب الجنة. والقرآن لا يهمه فى القصص أماكنها أو أشخاصها ، وإنما اهتمامه بالدرس المستفاد ، ولكن المفسرين كدأبهم تكهّنوا : أين تكون هذه الجنة ، وفى أى زمان كان أهلها؟ وقالوا : كانت بأرض اليمن بالقرب من الحجاز ، على مسافة قريبة جدا من صنعاء العاصمة ، وكانت لرجل يؤدّى حقّ الله فيها ، فلما مات آلت إلى ورثته ، فمنعوا الناس خيرها ، فكان هلاكها بما عصوا الله فيها. وقيل : كانت هذه الجنة ببلدة اسمها «ضوران» ، بالقرب من صنعاء ، ووقعت فى زمن قريب من زمن رفع عيسى عليهالسلام. وقيل : كان أهلها بخلاء ، فإذا جدّوا التمر جدّوه ليلا حتى لا يدخل عليهم مسكين ، وأضمروا تنفيذ ذلك ، فغدوا على جنتهم فإذا هى قد اقتلعت من أصلها فأصبحت كالصريم ـ أى : كالأرض الجرداء. وقيل : إن الطائف الذى طاف عليها كان جبريل فاقتلعها من جذورها. وفى الأسطورة : أنه طاف عليها واقتلعها ووضعها حيث مدينة «الطائف» اليوم ، ولذا سمّيت الطائف ، وليس فى أرض الحجاز بلدة فيها الشجر والأعناب والماء غير الطائف. وقيل : إن رجلا من قبيلة الصّدف يقال له الدّمون ، بنى حائطا حول البلدة وقال لأهلها ، بنيت لكم طائفا ، فسمّيت الطائف. والدرس المستفاد من القصة : أن من حصد زرعا ، أو جدّ ثمرا ، فعليه أن يواسى منه المساكين ، وذلك معنى : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (الأنعام ١٤١) ، وهذا الحصيد خلاف الزكاة ؛ وصاحب الأرض عليه أن يترك للمساكين ما أخطأه الحصّادون