أهبة الولادة ، وكانت على هيئة عظيمة فلم تشبهها ناقة مما نعرف ، وكثر لبنها حتى كان يكفيهم جميعا. وكانت لصالح آيات أخرى كالبئر وغيرها ، ولكن أصحاب الحجر أعرضوا عنها ولم يعتبروها ، وكانوا يتخذون من الجبال بيوتا ، أى ينحتونها فى الجبال ، والنحت فى الجبال يحتاج لقوة ، وعرفوا بطول القامة وبالقوة والبأس ، وعاشوا لذلك آمنين ، ولكنهم عبدوا غير الله ، وجحدوا رسالة صالح إليهم ، فأنذرهم ، ثم أتاهم العذاب فى وقت الصبح ، وأخذتهم الصيحة فما أغنى عنهم ما كان لهم من أموال وحصون فى الجبال ، ولا ما أعطوه من قوة ، وسبحان المعزّ المذلّ.
* * *
٧٢٥. ثمود وأخوهم صالح وناقة الله
تناولت قصة «ثمود وصالح والناقة» : إحدى وعشرون سورة ، وكانت أول سورة تعرضها هى سورة الفجر ، ثم النجم ، ثم الشمس ، ثم البروج ، ثم ق ، ثم القمر ، ثم ص ، ثم الأعراف ، ثم الفرقان ، ثم الشعراء ، ثم النمل ، ثم الإسراء ، ثم هود ، ثم غافر ، ثم فصّلت ، ثم الذاريات ، ثم إبراهيم ، ثم الحاقة ، ثم العنكبوت ، ثم الحج ، وأخيرا التوبة. وكانت القصة بحسب هذا الترتيب كالآتى :
فى سورة الفجر فى قوله تعالى : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) (٩) : أن ثمود كانوا جبابرة يبنون بيوتهم من الصخور يقطعونها من الوادى ؛ وفى سورة النجم فى قوله : (وَثَمُودَ فَما أَبْقى) (٥١) أن من أوصافه تعالى أنه يميت ويحيى ، وأنه أهلك الذين لم يؤمنوا من الأمم القديمة ، ويضرب المثل بثمود فلم يبق على أحد منهم ؛ وفى سورة الشمس فى قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥) : أن ثمود كانت أمة يشيع فيها الطغيان والظلم ، وأن رسول هذه الأمة كان له آية معجزة هى الناقة ، وطلب منهم أن يتركوها لشأنها ترعى وتشرب من ماء الله ، فجحدوا ما قال واستصغروه ، وعقروا الناقة وذبحوها ، فاستوجبوا غضب الله عليهم ، فدمر قراهم ، وهدم ما كانوا يبنون حتى سوّاه بالأرض ، وهو الله الكبير المتعال والمنتقم الجبار ، وكل عقاب ينزله بالمستعجبين لعقابه ، هو المتحمّل لنتائجه ، لأن لكل عقاب خطير كهذا ، نتائج خطيرة مثله ، ولا بد أن يتحملها من هو أهل لها ، وذلك هو الله ؛ وفى سورة البروج فى قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) (١٨) : أن ثمود كانوا مثل قوم فرعون ، بهم بأس وقوة وبطش ، فكذبوا المرسلين ، والله يعلم ما يدبّرون ، فأنزل بهم