قُتِلَتْ) (٩) (التكوير) ؛ ومن ذلك النهى عن السؤال : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) (١١٩) (البقرة) ، وكأن المعنى : لا تسأل عنهم لأنهم فى أسوأ حال :
ومن السؤال مبدأ المسئولية ، وهو من المبادئ التعليمية التى يقوم عليها الإسلام ، والإنسان فى القرآن مسئول عمّا يقول (لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) (٥٦) (النحل) ، وعمّا يفعل : (وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٣) (النحل) ولا نسأل عن غيرنا فيما يخصّهم وحدهم : (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٤) (البقرة) وأما ما يخصّنا ويخصّ الغير فنحن فيه شركاء فى المسئولية : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٤٤) (الزخرف). وكل إنسان كما هو مسئول عن ذاته ، فهو كذلك مسئول عما آل إليه من أملاك الله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٨) (التكاثر) ، لأنه المستخلف عليها استخلافه على الأموال ، وفيها حق لنفسه وللغير من السائلين والمحتاجين : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (١٩) (الذاريات) ، بل إننا لمسئولون عمّا نملك من أنفسنا : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٣٦) (الإسراء). ومصارف نصاب السائلين تعدّدها الآية : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ) (١٧٧) (البقرة) ، ومسئوليتنا تتجاوز الماديات إلى المعنويات : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (٣٤) (الإسراء) ، وليس أقوى فى باب المسئولية من هذه الآية فى القرآن : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢٤) (الصافات). والله أيضا مسئول : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) (١٦) (الفرقان) ، ومسئوليته تعالى تجاه ذاته وليست تجاه عباده ، وهى مسئولية وعد وليست مسئولية مساءلة ، ووعده تعالى هو الوعد الحق ، فأمّا فعله وقوله ، والقول فعل ، فيصدق عليهما : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣) (الأنبياء) ، فلا يسأله شخص عمّا خلق ولما ذا خلق ، وهو يسأل الخلق عن عملهم ، ولا يؤاخذ على افعاله وهم يؤاخذون.
فهذا ما فهمنا ضمن باب السؤال من أبواب القرآن ، والحمد لله رب العالمين.
* * *
١١٤. ما أَدْراكَ وما يُدْرِيكَ فى القرآن
كل ما فى القرآن من قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ) فقد أدراه ؛ وما كان من قوله : (وَما يُدْرِيكَ) فلم يدره. وتتكرر (وَما أَدْراكَ) فى القرآن ١٣ مرة ، وتتكرر (وَما يُدْرِيكَ) ثلاث مرات.
* * *