يسكن آدم وحواء الجنة سكنا لمدة ، وبين أن يسكن الإنسان الأرض طوال حياته ولكى يعمّرها. وفى الحديث : «العمرى جائزة لمن أعمرها ؛ والرّقبى جائزة لمن أرقبها» أخرجه ابن ماجة.
* * *
٧٠١. شجرة المحنة
الشجرة التى أكل منها آدم وحواء رغم نهى الله لهما عنها ، قيل : هى الكرم : ولذلك حرّمت علينا الخمر ؛ وقيل : هى الحنطة ، ولذلك جعلها غذاء آدم وبنيه من بعد ذلك لمّا تاب عليه ؛ وقيل هى التين : ولذلك تعبّر فى الرؤيا بالندامة لآكلها من أجل ندم آدم وحواء على أكلها. وليس فى شىء من هذا التعيين ما يعضده خبر ، والصواب أن نعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فقال : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣٥) (البقرة) ، فخالف هو إليها وعصى بالأكل منها ، فكما عصى إبليس ربّه كان أيضا عصيان آدم ، ولكن عصيان إبليس لم يكن عن اختيار ، ولا هو محنة ، على عكس اختيار آدم فقد كان محنة وأى محنة!
* * *
٧٠٢. آدم لم يكن له عزم
قيل الإنسان من النسيان ، والله تعالى عهد إلى الإنسان فنسى العهد ، كقوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (١١٥) (طه) ، فكأن العهد كان لآدم ولبنيه من بعده ، والنسيان كذلك كان صفة فيه وفى بنيه من بعده ، ولم يقل الله تعالى «عصى» وإنما قال «نسى» ، لأن عصيان آدم كان بتأويل ، وكان آدم يعتقد ألا يأكل من الشجرة ، فلما وسوس إليه إبليس لم يعزم على معتقده ، والشيء الذى عهد إلى آدم هو : ألا يأكل من الشجرة ، وأعلم لذلك أن إبليس عدو له. والعزم هو الصبر ـ صبره عن أن يأكل من الشجرة ، وأن يواظب على التزام الأمر ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (الأحقاف ٣٥). وقيل : إن الله تعالى نهاه عن شجرة بعينها ، وخدعه إبليس بأن النهى وقف عليها وليس على نوعها ، وترك آدم الاستدلال ، أو أنه لم يطبّقه ، وما تعرفه ولا تطبّقه فكأنك تجهله ، وكأن آدم لم يكن يعرف الاستدلال ، فترك الشجرة المنهى عنها وأكل من أختها التى من جنسها ، وكان أكله منها تأويلا وليس نسيانا ، فمن قال بالنسيان أخطأ. وقيل : إن آدم لم يكن من أولى العزم من الرسل وقيل : إنه ما من نبىّ إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة ، فلو خرج آدم من جملة أولى العزم بسبب خطيئة ، لخرج جميع