قائمة الکتاب
إعدادات
موسوعة القرآن العظيم [ ج ١ ]
موسوعة القرآن العظيم [ ج ١ ]
تحمیل
نهر فى الجنة ، أو حوض فيها ترد عليه أمته ، أو أنه الخير ، أو الشفاعة ، أو الهداية ، أو النبوة ، أو القرآن ، أو السنّة ، فقد ذهب بعيدا ، فالسورة يتطابق الكوثر فى أولها مع الأبتر فى آخرها ، على معنى الكثرة العددية من الأصحاب والأتباع ، مقابل الانفراد ، والوحدة ، والانقطاع ، فلا يكون له من يذكّر به فى الدنيا وينسب إليه ، وأحسب لذلك أن كل الأحاديث فى أوصاف الكوثر ، كالقول بأنه نهر فى الجنة يجرى على الدر والياقوت ، وتربته من المسك ، وماؤه أحلى من العسل ـ أحاديث مادية من الإسرائيليات ، إذ ما ذا سيفعل النبىّ صلىاللهعليهوسلم بنهر هذه أوصافه؟ وأمّا أن يكون له المؤمنون به فى كل الآماد ، وعلى دوام الآباد ، وإلى يوم الميعاد ، فذلك الأليق والأصح والأنزه ، وهو معنى الكوثر. وفى قوله : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) يعنى صلّ له شكرا لتفضّله عليك بنعمة رضاه عنك ، وكان المشركون إذا صلّوا يصلون مكاء وتصدية ، أى كالصفير أو رجع الصدى ، وإذا نحروا ينحرون للأصنام ، فأخبر الله تعالى نبيّه أن تكون صلاته له وحده ، وأن ينحر لوجهه لا لغيره ، وهو أمر بالتوحيد والإخلاص فيه ، فلا يكن عمله إلا لمن خصّه بالكوثر. وقالوا : إن الصلاة المقصودة هى صلاة الصبح المفروضة بجمع ، والنحر هو نحر البدن بمنى ، وهى إذن ليست الصلوات الخمس لأنه لا نحر فيها ، وليس صلاة العيد لأنه ما كانت هناك صلاة عيد فى مكة ، حيث السورة مكية ولا يتبقّى إلا أنها الصلاة بالمزدلفة المقرونة بالنحر ، ولا صلاة غير هذه الصلاة فى يوم النحر قبل النحر ، وخصّها بالذكر من دون الصلوات لاقترانها بالنحر. وقوله : «فصلّ لربك وانحر» فيه البدء بالصلاة ثم النحر ، والمقصود بالآية حجّاج بيت الله ، لأنه لا يصلّى فى المزدلفة غيرهم. وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يصلّى العيد ثم ينحر نسكه ويقول : «من صلّى صلاتنا ونسك نسكنا ، فقد أصاب النّسك ، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له».
* * *
٦٩١. سورة الكافرون
السورة مكية ، نزلت بعد الماعون ، وآياتها ست ، وترتيبها فى المصحف التاسعة بعد المائة ، وفى التنزيل الثامنة عشرة ، وفى الحديث عن أنس : «قل يا أيها الكافرون ـ تعدل ربع القرآن» ، وعن ابن عمر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلى بأصحابه الفجر فى سفر فقرأ «قل يا أيها الكافرون» ، و «قل هو الله أحد» (الإخلاص) ، ثم قال : «قرأت بكم ثلث القرآن وربعه» ، فالثلث : «قل هو الله أحد» ، والربع «قل يا أيها الكافرون» ، وتوصف بأنها سورة البراءة ، أو سورة البراءة من الشرك ؛ وقيل : هى توحيد وبراءة من الشرك. وقيل : السورتان اللتان تبرئان «قل هو الله أحد» و «قل يا أيها الكافرون» ، ويقال لهما «المقشقشتان» ، من قولنا : تقشقش