قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    موسوعة القرآن العظيم [ ج ١ ]

    موسوعة القرآن العظيم

    موسوعة القرآن العظيم [ ج ١ ]

    المؤلف :دكتور عبد المنعم الحفني

    الموضوع :القرآن وعلومه

    الناشر :مكتبة مدبولي

    الصفحات :1246

    تحمیل

    موسوعة القرآن العظيم [ ج ١ ]

    804/1246
    *

    صلى‌الله‌عليه‌وسلم مدة طالت قليلا ، فقال المشركون : إن محمدا ودّعه ربّه وقلاه! ولو كان أمره من الله لتابع عليه كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء! فنزلت هذه السورة تقول : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥) وتتناول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشخصيته ، وما آثره الله به ، وما أنعم عليه من الفضل فى الدنيا والآخرة. والسورة أجزاء تترى وتتكامل ، ففي الجزء الأول : يقسم الله تعالى على جلال قدر نبيّه بالضحى ، وبالليل إذا سجى ، وكلاهما من الزمان ، وهما آيتان من آياته العجيبة والعظيمة ، فربما أن المعنى : أنه تعالى على مرّ الأيام وكرّ الليالى لن يودّع محمدا ، ولن يقليه أى يبغضه ، وربما المعنى : أنه مثلما الليل الساجى ، والضحى يكون أول النهار وفيه الهدأة والسكون ، فكذلك محبة الله لنبيّه هى المحبة المستقرة. ويقال «سجا الليل» يسجو إذا سكن ودام ، وربما المعنى من قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (٨) ، هو التنبيه إلى حال من يؤمن بالله ، فإنه تعالى يضمه إليه ، ويهديه ، ويغنيه ، ويحوطه ، وينصره ، ويرفع من قدره ويوقّره ، ويكفّ عنه أذى الناس ، فهكذا فعل مع نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما نعلمه من تاريخه وسيرته ، فآواه أهله وانتصروا له ، ثم استقبله الأنصار مهاجرا فآووه ونصروه ، وكان حاله فى الدين حال الضال الحائر فهداه وأنعم عليه بالإسلام ، وحاله فى المال حال المعوز الفقير المحتاج ، فأغناه عمّن سواه ، وجمع له بين مقامى الفقير الصابر ، والغنى الشاكر. واليتيم الذى كانه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو الوحيد المفرد بسبب يتمه ، والعرب يصفون كل شىء يعزّ النظير له بأنه يتيم ، كقولهم : درة يتيمة ، إذا لم يكن لها مثل ، ويكون مجاز الآية أنه تعالى وجده فريدا فى الشرف والخلق ، لا نظير له ولا مثيل ، فآواه بأصحاب يحفظونه ويحوطونه. وأما قوله : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧) فهو أيضا من باب قوله : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ...) (٥٢) (الشورى) ، فالضلال بالمعنى المعروف ما كان للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى يوم من الأيام ، فما سجد لصنم ، ولا أشرك بالله ، وكان على حنيفية إبراهيم ، وإنما الضلال أنه كان قبل البعثة يسأل متحيرا ، ويطلب المعرفة ، وأنه بالبعثة وبالقرآن عرف وتعلّم وصار يعلّم. وفى قوله : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (٨) ، فبالمعنى الحسّى : ان خديجة أغنته ؛ وبالمعنى المعنوى : أنه تعالى وجده فقير النفس فأغنى قلبه ، وفقيرا من الحجج فأغناه بها ، ولم يكن عنده كتاب يرجع إليه ، فزوّده بكتاب ، وكذلك كان الجزء الثالث من السورة : وصية من ثلاثة بنود ، مقابل النّعم الثلاث التى أنعم بها عليه : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١) ، فكانت