الْمُدَّثِّرُ) (١) (المدثر). وقراءة الفاتحة تجب فى كل ركعة ، وإن لم يقرأ المصلى بها لم يجزه إلا مثلها من القرآن باعتبار عدد الآيات والحروف ، ومن تركها ناسيا يعيد الصلاة أو يسجد سجدتى السهو ، وإذا قرأ بها مرة واحدة فى الصلاة أجزأه. والإمام يحمل عن المأموم قراءتها ، ويقرأها لو أدركه قائما ، ولا يدع قراءتها خلف الإمام فى صلاة السرّ ، وفى قول أن الصلاة لا تجوز إلا إذا قرئ بالفاتحة فى كل ركعة ، إماما كان المصلى أو مأموما ، وفى قول أن الإمام إذا أسّر يقرأ المأموم ، وإذا جهر لا يقرأ. وفى الحديث : «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج» أى باطلة. وفيه أيضا : «فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرتم إلا بأم القرآن».
وسميت الأنفال من المثانى لأنها تتلوا الطوال فى القدر ، أو أن الطوال تعنى التى تزيد آياتها على المفصّل وتنقص عن المئين ، والمئون هى السور التى تزيد كل واحدة عن مائة آية.
وسنّة القراءة أن يقرأ المصلى فى الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة ، وفى الآخرين بفاتحة الكتاب. وقيل يجزئه أن يقرأ بغيرها. وقيل لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشىء معها من القرآن ، وحدّه آية أو آيتان ، ومن تعذّر عليه أن يتعلم الفاتحة أو شيئا من القرآن ، ولا علق منه بشيء ، يذكر الله فى موضع القراءة ويدعو لنفسه ، وإن عجز عن ذلك أيضا ، فلا يدع الصلاة مع الإمام جهده ، والإمام يحمل عنه ذلك ، ويترجم لمن لا يعرف العربية ، وتجزئ الصلاة بغيرها مع العلم بها إذا كان المأموم غير عربى ، والله أعلم.
وكما ترون ، فإنه لا مشابهة بين الفاتحة عند المسلمين ؛ وبين ما يظن أنه فاتحة عند النصارى ، ففاتحة المسلمين علم قائم بذاته ، وله علماؤه المختصون.
* * *
١٠٨. الحمد لله
لا يرد فى التوراة والأناجيل ، أى حمد لله ، ولكنه يرد فى مزامير داود كما فى المزمور ٨ / ١٧ ، وليس صحيحا إذن أن القرآن أخذ «الحمد لله» كاصطلاح ، ضمن ما أخذ من كتب اليهود والنصارى ، كما يدّعى المستشرقون. وفى القرآن ترد الحمد لله ٣٨ مرة ، وفى الحديث : «إذا قال العبد الحمد لله ، قال الله تعالى : صدق عبدى الحمد لى» رواه أبو هريرة وأبو سعيد الخدرى ، وفيه برواية مسلم عن أنس : «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشربه الشربة فيحمده عليها» ، وما من نعمة إلا والحمد لله أفضل