والنصارى عبدوا المسيح ، وألهوا القديسين ، والكلمة السواء هى «لا إله إلا الله» ، فمن ينكص عن ذلك فإنه لا يكون مسلما لله ، ويكون المسلمون هم فقط هؤلاء الذين يأخذون بالقرآن.
* * *
١٠٧. الفاتحة فى الإنجيل وفى القرآن
لا يوجد فى كل أسفار اليهود مثل الفاتحة ، وأما عند النصارى فالقريب منها ما يذكره متّى فى إنجيله فى الفصل السابع ، ابتداء من العبارة ٩ حتى العبارة ١٣ ، يقول المسيح : «أنتم فصلّوا هكذا : أبانا الذى فى السموات ليتقدّس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا ، اعطنا اليوم ، واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن لمن أساء إلينا. ولا تدخلنا فى تجربة لكن نجنا من الشرير. آمين.
فأنت ترى أن المسيح سمى هذه الكلمات صلاة ، وفى الحديث القدسى عن الفاتحة : «قسمت الصلاة بينى وبين عبدى» فسمى الفاتحة صلاة أيضا ، وقوله فى الصلاة المسيحية : «أبانا الذى فى السموات ليتقدس اسمك» تشبه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فى الفاتحة. ثم تتكون الصلاة المسيحية بعد ذلك من آيتين تختصان به تعالى ، وأربع آيات للعبد ، فيكون المجموع ست آيات. وفى الفاتحة : عدد الآيات سبع ، ثلاث منها لله ، ثم الآية الرابعة بين الله والعبد ، ثم ثلاث آيات تتمة سبع آيات دعاء من العبد. وحال المصلّى فى الصلاة المسيحية هى حال الرضا ، وبعد ذلك يكون طلبه الرزق والمغفرة ، وأن لا يواجهه الله باختبار ، وأن ينجّيه من الشرير ، ومقامه فيها جميعا مقام الفقير المتذلل المحتاج اللائذ. وفى الفاتحة : حال المصلّى هو حال الحامد الشاكر المسبّح ، والمقرّ بالعبودية لله والحاجة إلى معونته ، ثم يسأله الهداية ، وأن ينزله منزله المنعم عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين.
والمفاضلة بين فاتحة أو صلاة النصارى ، وبين فاتحة أو صلاة المسلمين : إنما هو بالمعانى وكثرتها ، وتتضمن فاتحة المسلمين ـ حتى بالنسبة لبقية سور القرآن ـ من الصفات ما ليس لغيرها ، حتى قيل إن الفاتحة وحدها تشتمل على جميع القرآن ، وبالنسبة لفاتحة النصارى فإنها لا تتضمن كل معانى النصرانية.
وكلمات فاتحة النصارى ، بما فيها ما يشبه البسملة وآمين : ٣٨ كلمة ؛ وفاتحة المسلمين ، بالبسملة وآمين : ٣٠ كلمة ، يعنى وإن كانت فاتحة المسلمين أقل كلمات فإنها أكثر فى المعانى ، وتتضمن علوم القرآن وليست كذلك فاتحة النصارى ، ووصفها بأنها السبع